مونديال قطر والمثلية في الأديان الإبراهيمية

موقع ردنا – الدكتور جمال العلي/ لمناسبة مونديال قطر الذي بات الشغل الأول لدى غالبية شعوب العالم وما يدور من حوله من أنباء وقرارات أوروبية صهيوأمريكية المطالبة بإرتداء الفرق شارات المثليين خلال المباريات، وما دار ويدور حتى لحظة كتابة هذه السطور؛ رأيت من الضروري الوقوف لبضع دقائق للكشف عن هذا المخطط الخبيث الذي يستهدف ليس جميع المجتمعات البشرية ويدفعها نحو الانحراف والفسق الفجور.

وسائل الإعلام العالمية نقلت قرار الفيفا الصارم بهذا الخصوص وقبل يوم واحد من افتتاح مونديال قطر، موجهاً بيان تهديد الى الاتحادات الأوروبية الخمسة  بـ”عقوبات رياضية” إذا قاموا بإرتداء شارة الشواذ وليس عقوبات مالية فقط، وهي منتخبات إنجلترا، المانيا، بلجيكا، هولندا، الدنمارك، ويلز، سويسرا؛ مرغمة المنتخبات الأخيرة التراجع عن قرارها المسيس هذا لتسير الأمور في مجراها الصحيح.

رجال دين وحقوقيون حذروا بشدة من الرضوخ لقبول المثلية الجنسية، والتنازلات المثيرة للخجل والاحراج على حساب تعاليم الأديان السماوية، منتقدين استغلال الفعاليات الرياضية ومنها مونديال قطر للترويج للمثلية الجنسية، معتبرين أن ما قبلت به قطر يشكل تناقضا واضحا ما بين مجتمع عربي مسلم، وما بين الترحيب بالمثليين من أجل استضافة فعالية رياضية.

فرصة ثمينة لاستعراض وجهة نظر الأديان الأبراهيمية وغيرها من ديانات صنعها البشر، فيما يخص المثلية والمثليين من كلا الجنسين (اللوطيين والسحاقيات) ومكانتهم الاجتماعية و عواقب فعلتهم القبيحة هذه؛ ليظهر لنا مدى خطورة هذا المشروع الصهيو اميركي اوروبي في استهداف الأخلاق والتقاليد الاجتماعية والعقائد الدينية ودفعها نحو الرذيلة والفسق والفجور.

فقد حرمت الأديان الإبراهيمية من يهودية ومسيحية وإسلام بكل طوائفها ومذاهبها، المثلية بشقيها واعتبرتها حرام وخطيئة كبرى خطيئة، وأن الأديان السماوية والفطرة الإنسانية تقف موقفاً رافضاً للمثلية الجنسية والترويج لها والاحتفاء بها، مشددين على أن الديانات الابراهيمية نصت بشكل واضح على تحريم ما يعرف بالمثلية الجنسية وفق نصوص دينية صريحة في الكتب المقدسة.

مونديال قطر والمثلية في الأديان الإبراهيمية

الديانة اليهودية تعتبر المثلية الجنسية من أكبر الخطايا، ويعاقب عليها بالإعدام كل من تجاوز الثالثة عشر من عمره مثلما جاءت به تعاليم العهد القديم:”وَإِذَا اضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ ذَكَرٍ اضْطِجَاعَ امْرَأَةٍ، فَقَدْ فَعَلاَ كِلاَهُمَا رِجْسًا. إِنَّهُمَا يُقْتَلاَنِ. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا”- (سفر اللاويين 20: 13)،”وَلاَ تُضَاجِعْ ذَكَرًا مُضَاجَعَةَ امْرَأَةٍ. إِنَّهُ رِجْسٌ.” (سفر اللاويين 18: 22)، وقد وردت المثلية الجنسية في العديد من قصص التوراة، كقصة النبي لوط وقومه وكذلك قصة هلاك مدينتي سدوم وعمورة لهذا السبب (سفر التكوين، الإصحاح 19).

مونديال قطر والمثلية في الأديان الإبراهيمية

أما الديانة المسيحية وفي كل طوائفها الكاثوليكية، والأرثوذكسية، والبروتستانتية بما فيها الميثودية، والكالفينية والمشيخية، والمعمدانية، والخمسينية، وغيرها حتى المورمون وشهود يهوه؛ كلها تعتبر المثلية الجنسية خطيئة كبرى وفاحشة وإهانة للأنثى، مليئة بالإثم والزنا والشر والطمع والخبث، تخالف الفطرة التي خلق الله البشر، وعقابها الإعدام والتعذيب.

تحدث الكتاب المقدس بوضوح عن أن ممارسة الشذوذ الجنسي هي خطيئة (كتب الاوليين كتاب التكوين فصل 19 الآيات من 1 الي 13 وكتاب اللاويين فصل 18 اية 22 وكتاب سيدنا عيسي كتاب رومية فصل 1 الآيات 26و27 وكتاب كورنثوس الأولى فصل 6 آية 9). وفي كورنثوس يتحدث عن أن الشذوذ الجنسي هو نتيجة الإنكار وعدم اطاعة الله، ويقول السيد المسيح: «من بدء الخليقة ذكرا وأنثى خلقهما الله، من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته» (إنجيل مرقس 7,6:10) ، (إنجيل متى 19: 4-6)، (أفسس 5: 31)، (التكوين 1: 27)، و(تكوين 2: 24).

كما جاء في رسائل بولس، ومن الأمثلة على ذلك :”أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الظَّالِمِينَ لاَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ؟ لاَ تَضِلُّوا: لاَ زُنَاةٌ وَلاَ عَبَدَةُ أَوْثَانٍ وَلاَ فَاسِقُونَ وَلاَ مَأْبُونُونَ وَلاَ مُضَاجِعُو ذُكُورٍ،” (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 6: 9)؛ “وَكَذلِكَ الذُّكُورُ أَيْضًا تَارِكِينَ اسْتِعْمَالَ الأُنْثَى الطَّبِيعِيَّ، اشْتَعَلُوا بِشَهْوَتِهِمْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، فَاعِلِينَ الْفَحْشَاءَ ذُكُورًا بِذُكُورٍ، وَنَائِلِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ جَزَاءَ ضَلاَلِهِمِ الْمُحِقَّ.” (رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 1: 27).

مونديال قطر والمثلية في الأديان الإبراهيمية

الدين الاسلامي الحنيف ليس لا يختلف الرأي مع سائر الأديان الأبراهيمية في المثلية الجنسية فحسب، بل يتعداها تشدداً في التعامل الاجتماعي والعقوبات؛ حيث يؤمن المسلمون أن عقاب ممارسة المثلية الجنسية هو القتل على ضوء عقوبة الله سبحانه وتعالى لقوم لوط، فهذه الممارسة محرمة لدى جميع المذاهب الاسلامية الحنفية والحنابلة والشافعية والحنفية والأباضية والشيعة دون أدنى اختلاف، حيث الرمي من أعلى شاهق أو الرجم حتى الموت.

المثلية بكلا شقيها اللواط والسحاق محرم بإجماع المسلمين كما ورد في عدة آيات من القرآن الكريم: “أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ” و”وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ” – الشعراء:165و166، وفي سورة الأعراف الآية 80 و81 بقوله تعالى: “وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ” و” إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ”وغيرها؛ ورسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه الأخيار قال: “إذا أتى الرجل الرجل فهما زانيان”- رواه البيهقي عن أبو موسى الأشعري.

ويقول ابن تيمية: ”اتفق الصحابة على قتل الفاعل والمفعول به جميعًا، لكن تنوعوا في كيفية القتل، فبعضهم قال يرجم، وبعضهم قال يرمى من أعلى جدار في القرية ويتبع بالحجارة، وبعضهم قال يحرق“. حيث تتراوح عقوبة ممارسة فعل جنسي مثلي بين الرمي من أعلى شاهق، والرجم كعقوبة الزاني.

الأمر لم ولن يقتصر على الأديان السماوية بل السيخية والبوذية والهندوسية، حيث تدين هذه الديانات البشرية ايضاً وبشدة المثلية وتعتبرها شذوذاً.. فكتاب التشريع ”سيروتي“ الهندوسي يرفض التطرق الى المثلية أبداً كقضية اجتماعية؛ وتؤكد هذه الديانات على أن الحب الحقيقي هو بين الرجل والمرأة فقط وغير ذلك إجرام بحق البشرية ومرفوض.

مواضيع إضافية
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.