أسماء وألقاب الإمام المهدي (ع) ودلالاتها

الشيخ سمير آل ربح / بمناسبة ذكرى ميلاد الحجة المنتظر (عجَّل الله فرجه الشريف)، نذكر بعض أسمائه وألقابه وصفاته ودلالاتها وفق روايات أهل البيت (عليهم السلام).

 

1 – محمد. هذا اسمه «صلوات الله عليه»، فها هو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يبشِّرُ الأمةَ به ويبيِّن اسمه: ”لن تنقضي الأيامُ والليالي حتى يبعث الله رجلًا من أهل بيتي، يواطِئ اسمُه اسمي، يملؤها عدلًا وقسطًا كما مُلئت ظلمًا وجورًا“. [الإرشاد، الشيخ المفيد، 2/ 340].

هذا، وقد جاء النهي عن تسميته باسمه. عن أبي هاشم الجعفري قال: سمعت أبا الحسن العسكري «يقول»: ”الخلف من بعدي الحسن ابني فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف؟ قلت: ولم جعلني الله فداك؟ قال: لأنكم لا ترون شخصه، ولا يحل لكم ذكره باسمه، قلت: فكيف نذكره؟ فقال: قولوا: الحجة من آل محمد صلوات الله عليه وسلامه“. [كمال الدين وتمام النعمة، الشيخ الصدوق، 1/676].

 

وقد بحث العلماء هذه المسألة واختلفوا فيها إلى أقوال ستة:

– الجواز مطلقًا إلا في حال التقية. ذهب إليه المحدث العاملي في الوسائل.

– المنع مطلقًا. نُقل عن الشيخين: المفيد والطبرسي.

– القول بالحرمة مطلقًا إلا في الأدعية الواردة عن المعصومين .

– الجواز على كراهة، قال به الشيخ الأنصاري.

– ومنهم من خص الحرمة بذكره في المحافل والمجامع دون غيرها، كالسيد المحقق الداماد والميرزا النوري.

– ومنهم من خص الحرمة بزمان الغيبة الصغرى دون غيره. نَقل المجلسي في البحار من يذهب إلى هذا الرأي. [انظر في تفصيل المسألة: مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم، الميرزا محمد تقي الأصفهاني، 2/ 97].

 

2 – المهدي. عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): ”أبشري يا فاطمة، فإن المهدي منكِ“ [ميزان الحكمة، محمد الريشهري، 1/ 178]، وعنه (صلى الله عليه وآله وسلّم): ”المهدي رجل من ولدي، وجهه كالكوكب الدري“. [ميزان الحكمة، محمد الريشهري، 1/ 178]، ولما سُئل الإمام الصادق عن علة تسمية القائم بالمهدي قال: ”لأنه يَهدي إلى كل أمر خفي“. [ميزان الحكمة، محمد الريشهري، 1/ 178]، ويضاف ”مهدي“ إليهم : مَهديِّنا. عن أمير المؤمنين : ”بمهدينا تُقطع الحجج، فهو خاتم الأئمة، ومنقذ الأمة، ومنتهى النور“ [ميزان الحكمة، محمد الريشهري، 1/ 179].

 

3 – المنصور. عن الإمام الباقر في قوله تعالى: ﴿ولا تقتلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إلَّا بالحقِّ ومَنْ قُتِلَ مَظلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِّيهِ سُلطَانًا فَلَا يُسْرف في القَتْلِ إنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا﴾ [سورة الإسراء: 33]: سمى الله المهدي المنصور، كما سمى أحمد ومحمدًا ومحمودًا، وكما سمى عيسى المسيحَ “، ووجه التسمية أن الله تعالى سينصره؛ لأنه ناصرٌ لله. قال تعالى: ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيز﴾ [سورة الحج: 40].

 

4 – القَائِم. ووجه التسمية أنه يقوم بالحق، قَائِم: اسم فاعل من: قام يقوم فهو قَائِم. عن أبان بن تغلب، قال: ”سمعت أبا عبد الله يقول: كأني أنظر إلى القَائِم على نجف الكوفة عليه خوخة من إستبرق…“. [كتاب الغَيبة، محمد بن إبراهيم النعماني، 1/ 320]. خوخة: ضرب من الثياب خضر، وربما أضيف قَائِم إلى الضمير «نا» الذي يعود على أهل البيت: قَائِمنا. عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): ”وإن قَائِمنا إذا قام أتى الناس وكلهم يتأول عليه كتاب الله يحتج عليه به“، [كتاب الغَيبة، محمد بن إبراهيم النعماني، 1/ 305]، أو يضاف إلى أهل البيت: ”كأني بقائم أهل البيت…“ [كتاب الغَيبة، محمد بن إبراهيم النعماني، 1/ 319]، ووجهه واضح؛ إذ قيامُه قيامُهم ، فهم في سلسلة واحدة هدفها القيام بالحق وتثبيت العدل. عن الإمام الصادق في حديث يُعدِّد فيه أئمة من أهل البيت: ”… آخرهم القائم الذي يقوم بعد غَيبته؛ فيقتل الدجال ويطهِّر الأرض من كل جور وظلم“. [بحار الأنوار، العلامة المجلسي، 51/ 145]، وقد يضاف إلى ”آل محمد“ فيقال: قَائِم آل محمد، كما جاء في روايات البحار «51 / 28 – 30» وغيره.

 

5 – المنتظَر. باسم المفعول من: انتظر ينتظِرُ فهو مُنتظِر «اسم الفاعل»، ومُنتظَر «اسم المفعول»، فالمؤمنون هم المنتظِرون لظهوره، وهو المنتظَر. ولعل التسمية جاءت من روايات عديدة فيها هذا الوصف. عن الإمام الصادق : ”المنتظِر للثاني عشر كالشاهر سيفه بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يَذبُّ عنه“. وعن الصادق : ”من مات منتظِرًا لهذا الأمر كان كمن كان مع القَائِم في فسطاطه، لا بل كان بمنزلة الضارب بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بالسيف“. [بحار الأنوار، العلامة المجلسي، 52/ 146]؛ وما شاع من تسمية بعض الآباء لأبنائهم ب ”مُنتظَر“ بالفتح، الأَولى فيه أن يكون بالكسر: مُنتظِر، فهو الوصف المناسب بالمؤمنين، اللهم إلا أن يقال إن التسمية ب ”مُنتظَر“ فيها تيمُّن وتبرُّك باسمه «بوصفه» صلوات الله عليه، ولم أجد فيما وسعني من بحث إطلاق اسم ”منتظَر“ عليه؛ ولذا فهو وصف له لا اسم.

 

6 – بقية الله. كما وصف نفسه «روحي فداه»: ”أنا بقية الله في أرضه، والمنتقم من أعدائه“. وعن الإمام الباقر : فإذا خرج أَسند ظهره إلى الكعبة، واجتمع إليه ثلاث مئة وثلاثة عشر رجلًا، فأول ما ينطق به هذه الآية: ﴿بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظ﴾ [سورة هود: 86]، ثم يقول: أنا بقية الله وحجته وخليفته عليكم، فلا يُسلِّم إليه مسلم إلا قال: السلام عليك يا بقية الله في أرضه” [ميزان الحكمة، محمد الريشهري، 1/ 179]، ووجه إطلاقه عليه أنه خاتم الأوصياء وآخر الأئمة؛ فلا وصيَ بعده، ولا إمامَ يعقبه، فهو آخر الحجج والبقية الباقية، الذي لولاه لساخت الأرض بأهلها.

 

7 – الحجة/ حجة الله. أي هو مما يحتج به الله على عباده، كما يحتج بأنبيائه عليهم. عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله قال: ”أقربُ ما يَكونُ العبادُ إلى الله عزَّ وجلَّ وأرضى ما يكون عنهم، إذا افتقدوا حُجَّةَ الله، فلم يظهر لهم، ولم يعلموا بمكانه، وهم في ذلك يعلمون أنه لم تبطل حُجَّةُ الله، فعندها فتوقعوا الفرجَ كل صباح ومساء، فإن أشدَّ ما يكون غضبُ الله على أعدائه إذا افتقدوا حجته، فلم يظهر لهم“. [بحار الأنوار، العلامة المجلسي، 52/ 145].

 

8 – صاحب الأمر. والمقصود بالأمر هو أمر الولاية والإمامة استلهامًا من قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا﴾ [سورة النساء: 59]. عن هانئ التمار قال: قال لي أبو عبد الله : ”إن لصاحب هذا الأمر غَيبة؛ فليتق الله عبد وليتمسك بدينه“. [بحار الأنوار، العلامة المجلسي، 51/ 145 – 146].

 

9 – صاحب الزمان. وهذه التسمية شائعة جدًّا في كلمات العلماء واستعمال المؤمنين، ولم أجدها إلا في زيارةٍ أثبتها العلامة المجلسي في بحاره. قال: ومما يزار به «صلوات الله عليه» كل يوم بعد صلاة الفجر: ”اللهم بلِّغ مولاي صاحب الزمان «صلوات الله عليه» عن جميع المؤمنين والمؤمنات، في مشارق الأرض ومغاربها، وبَرها وبحرها وسهلها وجبلها، حيهم وميتهم، وعن والدي وولدي، وعني، من الصلوات والتحيات زنة عرش الله، ومداد كلماته، ومنتهى رضاه، وعدد ما أحصاه كتابه، وأحاط به علمه به…“، وفيها أيضًا: ”اللهم فكما شرفتني بهذا التشريف، وفضلتني بهذه الفضيلة، وخصصتني بهذه النعمة فصل على مولاي وسيدي صاحب الزمان“. [بحار الأنوار، العلامة المجلسي، 99/ 110]، ووجه هذا اللقب أن الزمان له «صلوات الله عليه»؛ فله الولاية العامة. إنه «كآبائه» الإمام المفترض الطاعة، وله أيضًا الحكم المطلق بعد ظهوره، فيبسط عدلَه وقسطَه بعد أن يزيل الجورَ والظلمَ السائدَ قبل ظهوره «عجَّل الله فرجه الشريف».

 

10 – الخلف الصالح. عن هارون عن أبيه موسى قال: قال سيدي جعفر بن محمد: ”الخلف الصالح من ولدي وهو المهدي اسمه محمد وكنيته أبو القاسم يخرج في آخر الزمان“. [كشف الغمة، ابن أبي الفتح الإربلي، 3 / 275]، ووجه الوصف بأنه يخلُف آباءَه في القيام بأعباء الإمامة، فهو الخليفة من بعد الخليفة: ”الأئمة اثنا عشر كلهم من قريش“ [بحار الأنوار، العلامة المجلسي، 36/ 365]، فهو الإمام الثاني عشر.

مواضيع إضافية
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.