تصعيد خطير وتغيّر في عقيدة تنظيم داعش بالمغرب

ردنا – عادت مخاطر التهديدات الإرهابية لتلقي بظلالها من جديد على المشهد الأمني بالمغرب، بعد إعلان السلطات المغربية، أمس الأربعاء، عن إيقاف ثلاثة “دواعش” يشتبه ارتباطهم بارتكاب جريمة قتل وحشية، راح ضحيتها شرطي عثر على جثته متفحمة ومشوهة مطلع الشهر الجاري بضواحي مدينة الدار البيضاء.

وتعد هذه المرة الأولى التي يستهدف فيها متطرفون المؤسسة الأمنية بالمغرب، وهو ما عدّه محللون أمنيون تحدثوا للحرة “تصعيدا وتحولا خطيرا” في استراتيجيات الخلايا النائمة المرتبطة بتنظيم داعش في البلاد.

وأعلنت المديرية العامة للأمن المغربي في بيان، عن توقيف ثلاثة متطرفين موالين لتنظيم داعش الإرهابي، وذلك “للاشتباه في تورطهم في ارتكاب جريمة القتل العمد في إطار مشروع إرهابي، والتي كان ضحيتها شرطي أثناء مزاولته لمهامه.”

وأفاد الأمن المغربي بأن تحرياته قادته إلى توقيف المشتبه فيهما الرئيسيين في عمليات متزامنة بكل من مدينة الدار البيضاء وضواحي مدينة فاس، وسط البلاد، كاشفا أن معلومات البحث تشير إلى “إعلانهم الولاء” لـ”الأمير” المزعوم للتنظيم الإرهابي داعش”،وعزمهم الانخراط في “مشروع إرهابي محلي بغرض المساس الخطير بالنظام العام”.

وأضافت مديرية الأمن أن الثلاثة “قرروا استهداف أحد موظفي الأمن بغرض تصفيته جسديا والاستيلاء على سلاحه الوظيفي، لاستعماله في السطو على وكالة بنكية”.

 

تحول العقيدة

الخبير الأمني، إحسان الحافظي، يوضح أن الطريقة التي جرى بها التحضير لهذه الجريمة، تكشف عن “تحول في عقيدة اشتغال الجماعات الارهابية الموالية لداعش”، مضيفا أن “الثابت الوحيد في هذه العقيدة مبايعة التنظيم المتطرف قبل المرور إلى التنفيذ”.

فيما تبقى باقي الترتيبات بحسب الخبير الأمني المغربي، “متغيرة” بحسب طبيعة الهدف ودرجته، مبرزا أن هذا ما يدل على أن “قيادات تنظيم داعش التي تحرض على ارتكاب أعمال إرهابية باسمها باتت تترك لمواليها حرية التصرف في التخطيط والتنظيم واختيار الوقت المناسب لتنفيذ مخططاتهم الاجرامية التي تستهدف المس الخطير بالنظام العام”.

وفي تفاصيل العملية، يوضح بيان الأمن المغربي، أن المشتبه فيهما الأول والثاني عمدا إلى تنفيذ عملية القتل العمد والتمثيل بجثة الشرطي الضحية، بعدما تربصا به في مكان اشتغاله ليلا في أحد الطرق، وقاما بتعريضه لاعتداءات جسدية بواسطة السلاح الأبيض.

وقام منفذا الجريمة بسرقة سيارة الشرطي الخاصة وسلاحه الوظيفي وإضرام النار في جثته بمنطقة قروية، وفق البيان.

وأوضحت مسارات البحث أن المشتبه فيهما قاما بالتنسيق مع المشتبه فيه الثالث، الذي يحمل نفس المخططات المتطرفة، لتغيير معالم الجريمة وطمس الأدلة، من خلال إضرام النار عمدا في السيارة الخاصة بالشرطي الضحية، بحسب المصدر ذاته.

وأكدت الشرطة استرجاع الأصفاد المهنية والسلاح الوظيفي الخاص بالشرطي المقتول، والذي جرى إخفاؤه في مكان بمدينة الدار البيضاء، وذلك تحضيرا لاستخدامه في مشروع إرهابي.

ويوضح الحافظي، أن حيثيات هذه العملية تشير إلى أن الأمر يتعلق بـ”أسلوب الذئاب المنفردة”، الذي يقوم خلاله أشخاص بعمليات إرهابية بشكل منفرد دون أن تربطهم علاقة مباشرة أو تواصل منظم بالقيادة.

ويضيف: “لسنا أمام خلية إرهابية بالمعنى الكلاسيكي الذي بات يسهل كشفها بفضل تطور وسائل تقنيات الاتصال، بل بعمل إرهابي حاول منفذوه ما أمكن التقليل من التواصل فيما بينهم”.

ومنذ ظهور تنظيم داعش، أعلنت أجهزة الأمن المغربية عن تفكيك عشرات الخلايا الإرهابية المرتبطة بالجماعات الجهادية والتي كانت تخطط لاستهداف مصالح حيوية في المغرب.

في هذا السياق، يقول إحسان الحافظي إن عددا من البيانات التي تلي تفكيك الخلايا الإرهابية عادة ما كانت تشير إلى مخططات لاستهداف مؤسسات حساسة، موضحا أن المؤسسة الأمنية لطالما كانت على رأس هذه الأهداف واستهدافها يكون عبر استهداف موظفيها.

 

عودة التهديدات

وبعد أن بقي المغرب بمنأى عن هذه الهجمات، يؤكد الباحث في الدراسات الاستراتيجية والأمنية، محمد الطيار أن العملية الأخيرة “تصعيد جديد وخطير”، موضحا أن الخلايا المرتبطة بتنظيم داعش “قررت استئناف أعمالها الإرهابية وتصعيد خطورتها، حيث إن عملها لم يكن ليقتصر فقط على قتل شرطي ومحاولة الاستيلاء على بنك بل هناك خططا أوسع.

ويؤكد الباحث الأمني، أن العملية الأخيرة ينبغي قراءتها على ضوء التطورات والمكاسب الكبيرة التي تحققها التنظيمات الإرهابية على صعيد منطقة الساحل والصحراء، خاصة بالمثلث الحدودي بين النيجر وبوركينا فاسو ومالي حيث يتسعد التنظيم للإعلان إمارة جديدة.

ويربط المتحدث بين تقوّي التنظيم وتصعيد جرائمه وهزيمة القوات الفرنسية وانسحابها من المنطقة بعد حوالي 9 سنوات من مواجهاتها مع التنظيمات المتطرفة التي أصبحت أكثر شراسة وتطورا، والتي استطاعت استعادة مجموعة من المناطقة التي فقدت السيطرة عليها.

وفي نفس السياق، يوضح الطيار تصاعد مخاطر التنظيم الإرهابي، مذكرا بتحذيرات رئيس هيئة الأركان الأميركية، مايك ميلي، عن استمرار مخاطر داعش بعد زيارته لشمال سوريا بالمنطقة بداية الشهر الجاري، ويشير إلى “أن تنظيم داعش ما يزال يشكل خطرا داهما”.

ويوضح المتحدث ذاته أن الحضور القوي لتنظيم داعش بمنطقة الساحل وبمناطق الشرق الأوسط، “يشجع الخلايا النائمة والجديدة، على القيام  بأعمال عنف أكثر جرأة”، تذكرنا بأحداث دموية، أودت بحياة عشرات الأبرياء، مثل الاعتداءات الإرهابية بالدار البيضاء عام 2003، وتفجير مقهى أركانة بمدينة مراكش في 2011.

وأعلن الأمن المغربي عن توقيف عنصر آخر “متطرف موالي لتنظيم “داعش”، يشتبه في تورطه في الإعداد والتحضير لتنفيذ مخطط إرهابي في إطار مشروع فردي يهدف للمساس الخطير بالنظام العام”.

وذكر بلاغ للمكتب المركزي للأبحاث القضائية، نقلته وكالة الأنباء الرسمية، أن الأبحاث المنجزة أوضحت أن المعني بالأمر والذي تم توقيفه أمس الأربعاء بمدينة آسفي، وسط البلاد، “كان قد أعلن “البيعة” للأمير المزعوم لتنظيم “داعش”، وانخرط بشكل فعلي في الأعمال التحضيرية لرصد وتحديد أهداف مخططه الإجرامي، والمتمثلة في استهداف موظفين عموميين باستخدام أساليب الإرهاب الفردي”.

 

المصدر: مواقع إلكترونية
مواضيع إضافية
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.