هل تفتح دول عربية أبوابها أمام السياحة الدينية الإيرانية؟

د. محمد أبو بكر / مؤخّرا، أقرّت الحكومة المصرية حزمة من إجراءات تسهيل حركة السياحة الأجنبية الوافدة، تضمّنت قرار تسهيل السياحة الإيرانية، حيث سيحصل الإيرانيون على تأشيرات عند وصولهم للمطارات المصرية، من خلال مجموعات سياحية، وقريبا سيتم منح تأشيرات لمدة خمس سنوات بقيمة تبلغ سبعمائة دولار، وقد شهدت السياحة إلى مصر تحسّنا في أول شهرين من العام الحالي بنسبة ثلاثين بالمئة.

خلال عقود عديدة، حاولت الحكومات الإيرانية العمل على تسهيل وصول السياحة الإيرانية وخاصة الدينية إلى بعض الدول العربية، فسوريا فتحت الأبواب على مصراعيها، وكذلك لبنان، واليوم لا تمانع مصر في ذلك، من خلال القوننة والضبط، وهذا مؤشر على عودة قريبة للعلاقات بين البلدين، على غرار التوجّه المصري التركي.

يطمح الإيرانيون، وبعد ترطيب العلاقات مع المملكة السعودية والتي يؤمّها عشرات الآلاف من الحجاج سنويا، إلى فتح الأبواب مع الأردن، والذي عبّر في عدّة مناسبات عن خشيته من ذلك في سنوات سابقة، غير أن الظروف اليوم هي غير ظروف الأمس، فالتوجّه الأردني يسير وفق حسابات دقيقة، واللقاءات الدبلوماسية والأمنية قائمة بين الطرفين، وهذه مؤشرات على ما قد يجري في المستقبل القريب.

الإيرانيون كانوا يطمحون سابقا بوصول مليون سائح إيراني لزيارة مقامات الصحابة في منطقة الكرك، جنوب الأردن، حيث تضم هذه المقامات أضرحة الصحابة جعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة وزيد بن حارثة، ووجود ضريح الصحابي الجليل جعفر وهو شقيق الصحابي علي بن أبي طالب، يعني للإيرانيين الكثير من القدسية.

وينظر الأردن إلى التقارب السعودي الإيراني بنوع من الحذر والقراءة المتأنيّة، وهناك أصوات في الأردن تطالب بالإنفتاح على الجمهورية الإيرانية، وإعادة تبادل السفراء، وفتح صفحة جديدة، والتحرر نوعا ما من القيود السياسية، والتي يمكن للنظام السياسي الأردني التحرر منها بذكاء وحنكة تحفظ له التوازن في علاقاته الدولية.

بعد القرارات المصرية باتجاه إيران والإنفتاح السعودي، يجد الأردن نفسه في وضع لم يكن يتوقعه، والمسألة باتت تحتاج لعقول سياسية نيّرة تدرك بأن إيران دولة شقيقة، والتحالف معها لن يضرّ الأردن أبدا، لا بل إنّ إيران يمكن لها تقديم كل أشكال الدعم للأردن في ظل ظروفه الإقتصادية التي يعاني منها، وهو اليوم بات أكثر انفتاحا على المكوّن الشيعي في العراق، الذي باستطاعته فتح الأبواب الإيرانية، وبالتالي إزالة أيّ فيتو إيراني كان يقف في وجه التقارب الإقتصادي الأردني مع العراق، وخاصة أنبوب النفط من البصرة إلى خليج العقبة، والذي يشهد حالات من المدّ والجزر بسبب الموقف الإيراني من السياسة الأردنية تجاه طهران .

الأردنيون اليوم أمام واقع جديد، إمّا التقدّم للأمام، والتوقف عن الخشية من سياحة دينية يمكن التحكّم بها وقوننتها، ستعود بفائدة كبيرة إقتصاديا، وخاصة في مناطق الجنوب الأشدّ فقرا، تلك المناطق التي تنتظر فرجا قادما، قد يكون من إيران نفسها، التي تطمح بعلاقات جديدة ومتجددة مع المملكة الأردنية التي توازن علاقاتها الدولية وبما يحقق مصالحها، بعيدا عن أي أخطار ومخاطر.

ومن هنا، علينا التأكيد وللمرّة المليون، بأنّ للعرب عدو واحد هو كيان الإحتلال المغتصب لفلسطين، ومن خلفه الداعم الكبير الولايات المتحدة وبعض دول الغرب، في حين علينا التعامل مع إيران كدولة إسلامية شقيقة، بيننا وبينها الكثير من الأواصر، لأنّ الإنجرار وراء الغرب باعتبارها عدوّا، سيصبّ حتما في خدمة الصهاينة ويمينهم العنصري المتطرف، ولن يجلب لأمّتنا ودولنا العربية غير المتاعب والمصاعب التي نحن في غنى عنها.

 

كاتب فلسطيني

 

مواضيع إضافية
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.