“الحكام المغول” يثيرون الجدل حول المناهج الدراسية في الهند

ردنا – أدى حذف فصل عن الحكام المغول المسلمين من الكتب المدرسية الهندية، إلى إعادة إشعال الجدل في الهند حول كيفية تدريس التاريخ للأطفال في المدارس.

واندلع الجدل بعدما تم نشر مجموعة جديدة من الكتب المدرسية من قبل المجلس الوطني للبحوث التربوية والتدريب وهي منظمة مستقلة تابعة لوزارة التعليم الفيدرالية، وهو يشرف على تغييرات المناهج ومحتوى الكتب المدرسية للأطفال الذين يخضعون للامتحانات في إطار المجلس المركزي للتعليم الذي تديره الحكومة.

وإضافة إلى التعديلات حول ملوك المغول، تشمل التغييرات الأخرى إزالة بعض الإشارات إلى اغتيال المهاتما غاندي، وأعمال الشغب عام 2002 في ولاية غوجارات.

واعتبر المعارضون لهذه الخطوة، بأن تلك الإغفالات مقلقة، وستؤثر على فهم الطلاب لبلدهم، واتهموا المجلس الوطني بمحو أجزاء من التاريخ كانت الجماعات اليمينية الهندوسية تشن حملات ضدها لسنوات.

وينظر العديد من النشطاء والمؤرخين اليمينيين إلى المغول، الذين حكموا مساحات شاسعة من شبه القارة الهندية لقرون، على أنهم غزاة أجانب نهبوا الأراضي الهندية، وأفسدوا الحضارة الهندوسية في البلاد.

ويجادل مؤيدو التعديلات بأنها ضرورية لأن بعض المقررات الدراسية في كتب التاريخ المدرسية أعطت أهمية كبيرة للحكام المسلمين.

ويقول ماخان لال، المؤرخ والأكاديمي الذي كتب العديد من الفصول للكتب المدرسية: “كانت فترة حكم المغول من أكثر الفترات دموية في التاريخ الهندي”.

وفي المقابل، يرى آخرون إن ذلك يعكس إفراطا في التبسيط واختزالا لماضي الهند التوفيقي.

ويقول المؤرخ والمؤلف مانو بيلاي: “ما يحدث الآن هو إشارة ضمنية بأن المغول كانوا عنيفين بشكل غريب، بينما كان العنف في الواقع جزءا من الملكية كمؤسسة في كل مكان، وما يحدث الآن يلمح أيضا إلى أن المغول كانوا يرون أنفسهم في الأساس كمسلمين مصممين على تعذيب الهندوس”.

ويقول البروفيسور هلال أحمد، الذي يعمل في مجال الإسلام السياسي، إن عمليات الحذف الحالية تطرح قضايا تربوية أكبر تتعلق بحجب المعلومات دون أي إحساس بالتوترات والتناقضات في ذلك، لأن التاريخ لا يتعلق بالحكام فقط، وهو يتجاوز السلالات والمعارك ليشمل الإدارة والحكم وثقافة العصر، فهو إطار يفهم المجتمع من خلاله نفسه.

ويضيف البروفيسور أحمد قائلا: “لذلك عندما تزيل شيئا ما بشكل تعسفي، فإنك تجرده من سياقه، مما يجعله مشوها”.

وكان الفصل الذي تمت إزالته في الكتب المدرسية للصف 12، والذي يتناول الممالك المغولية.

ويتتبع النص المكون من 30 صفحة أعمال الممالك المغولية. وكان قد تم توثيق معظم ذلك في حسابات تاريخية مطولة بتكليف من أباطرة المغول. ويمضي الفصل لتوضيح كيف قدمت “سجلات المغول” هذه “الإمبراطورية على أنها تضم العديد من الجماعات العرقية والدينية المختلفة مثل الهندوس والجاين والزرادشتيين والمسلمين”.

من جانبه، يقول المؤرخ والمؤلف مانو بيلاي “يوجد هذا الضغط على التاريخ الهندوسي للهند، حيث يتم تجميع الشخصيات الهندوسية معا عن قصد في جهة ، والمغول والأشرار في جهة أخرى.”

ويضيف بيلاي قائلا إن الوحشية لم تكن صفة حصرية للمغول، فالملوك بشكل عام كانوا أشخاصا عنيفين، وكان العنف نتيجة طبيعية للسلطة في القرن التاسع عشر.

ومضى بيلاي قائلا إن المغول يهيمنون أيضا على الخيال الشعبي بسبب حداثة عهدهم بالإضافة إلى الأهمية الثقافية التي تمتعوا بها حتى بعد فترة حكمهم، ولوضع ذلك في نصابه فقد تمت الإطاحة بآخر إمبراطور مغولي قبل حوالي عقد من ولادة غاندي، وكان القوميون الهنود الأوائل مثل داداباي ناوروجي قد ترعرعوا بينما كان الإمبراطور لا يزال موجودا.

وتابع قائلا إنه لذلك نعرف الكثير عن المغول، وذلك ببساطة لأنهم كانوا أكثر حداثة، وسجلات زمنهم موجودة بكثرة مقارنة، على سبيل المثال، مع سلالة تشولا التي تفككت بحلول القرن الثالث عشر.

ويضيف بيلاي: “ربما تكون هذه التعقيدات هي التي يجب أن يطالعها الطلاب، بدلا من محو المقاطع بالكامل من الكتب المدرسية”.

ومن جانبه، يقول أحمد إنه من المفارقات أن يكرر البعض وجهة نظر استعمارية للتاريخ الهندي حيث يُنظر إلى العصور القديمة على أنها ماض هندوسي والعصور الوسطى على أنها مسلمة. ومضى يقول: “إنك تقلل من ثقافات وأديان الهند المتداخلة إلى مجرد جدل، في حين أن الماضي في الواقع أكثر تعقيدا بكثير”.

ويضيف قائلا إنه إذا تمت إزالة أجزاء رئيسية من التاريخ بشكل تعسفي، فسيكون هناك “فجوات” في التعليم الرسمي، مما سيؤدي إلى تعليم من نوع مختلف تماما”.

مصدر BBC
مواضيع إضافية
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.