كيف كشفت كرة القدم إزدواجية المعايير الفرنسية؟

ردنا – “ما حدث يؤسفني بشدة، نحن في بلد لطالما عزز احترام الآخرين وحقوق الإنسان. من الضروري أن نجد أنفسنا جميعاً نتشارك في مثل هذه الرسالة الأساسية للعيش معاً… يجب على الأندية أن تجري حواراً مع لاعبيها، وبعد ذلك تتخذ إجراءات ضدهم”.

بهذه العبارات، منحت وزيرة الرياضة الفرنسية أميلي أوديا كاستيرا، الضوء الأخضر لأندية الـ “ليغ1” في الدوري الفرنسي، لشن حملة تضييق واسعة، شملت عقوبات وغرامات مالية ضد لاعبين رفضوا المشاركة في حملة تنظمها الاتحادية الفرنسية لكرة القدم بغرض دعم حقوق المثليين.

الحملة التي بدأت يوم 12 مايو/أيار 2023 بمباراة لانس وستاد ريمس، وانتهت يوم الأحد 14 من الشهر نفسه بلقاء أنجيه ومارسيليا، غاب عنها الشعار المزعوم بأن الملاعب “ليست ساحة للتعبير عن أفكار أو توجهات دينية أو سياسية”، الأمر الذي دفع بالعديد من اللاعبين المسلمين إلى رفض المشاركة.

ويُلزم مسؤولو الـ “ليغ 1” الأندية في هذه الحملة بارتداء قمصان كُتب على ظهورها أرقام اللاعبين بالألوان التي ترمز للمثليين.

ومن بين اللاعبين الذين رفضوا المشاركة، المهاجم المغربي زكرياء بوخلال، واللاعب الهولندي من أصل بوسني سعيد هاموليتش، والمالي موسى ديارا، والجزائري فارس الشايبي. وكلهم يلعبون  في صفوف نادي تولوز الفرنسي. هذا بالإضافة إلى المصري مصطفى محمد مهاجم فريق نانت، والسنغالي دوناتيان غوميز لاعب غانغان.

 

الاحترام يشمل الآخرين

وبعد تصريحات الوزيرة، سرعان ما استجاب لها نادي نانت، وقرر تنزيل عقوبات مالية في حق مهاجمه المصري مصطفى محمد، لرفضه المشاركة في مباراة الأحد وحملة دعم المثلية.

برّر مصطفى محمد قرار عدم مشاركته في تلك المباراة، ببيان نشره باللغة الفرنسية، على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”.

كتب اللاعب المصري في التغريدة “لم أشارك في مباراة تولوز ونانت، لا أريد إطلاقاً الدخول في جدال، لكن عليّ أن أوضح موقفي، احترام الاختلاف يعني احترام الآخرين واحترام الذات واحترام ما سأقوله الآن، مجدداً أنا أحترم كل الاختلافات وأحترم جميع المعتقدات والقناعات”.

وأضاف “هذا الاحترام يمتد إلى الآخرين ويشمل أيضاً احترام معتقداتي الشخصية، ونظراً لجذوري وثقافتي وأهمية قناعاتي ومعتقداتي، لم يكن من الممكن أن أشارك في هذه المباراة”.

وتابع “آمل أن يتم احترام قراري، وكذلك رغبتي في عدم الدخول في جدال حول هذا الأمر، وأن يُعامل الجميع باحترام”.

تغريدة اللاعب مصطفى محمد هو تعبير يُبرز الإزدواجية الفاضحة في المعايير في هذا البلد الأوروبي الذي يتشدق بحرية التعبير والرأي ويتباهى باحترام حقوق الإنسان واحترام التنوع، فهذا اللاعب – حاله كسائر اللاعبين المعاقبين – لم تصدر منه أية إساءة لأية رموز تتعلق بالمثلية الجنسية، بل ويؤكد التزامه باحترام جميع المعتقدات والقناعات، وكل ما في الأمر عدم موافقته لفكرة وقناعة معينة، وهذا شكل من أشكال التنوع، وحرية من الحريات التي تنادي بها العلمانية، والتي يزعم المنظّرون لها أنها تقف موقف الحياد من الأديان والعقائد والتوجهات، إلا إذا كان هدف الفرنسيين فرض الإيمان قلباً وقالباً بالعلمانية والتديّن بها كدين جديد، ومعاقبة كل من يخالف النمط العلماني فكراً وأسلوباً للحياة، وفي المقابل، فسح المجال أمام كل من يسيء للمقدسات والرموز الدينية والإسلامية، والدفاع عنهم، كمبشّرين للدين الجديد.


محمد النائيني

مواضيع إضافية
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.