صعود الجماعات والأحزاب اليمينية في أوروبا وظاهرة العداء للإسلام
/ السيد زهره
تحدثت قي مقالين سابقين عن ظاهرة الصعود الخطير للجماعات والقوى والأحزاب اليمينية الشديدة التطرف في الدول الأوروبية وكيف أن بعض هذه الجماعات تعيد الاعتبار للفاشية والنازية، وأصبحت تخطط لاستهداف الدولة والنظام السياسي بالعنف والسلاح، وذكرت أن العداء للإسلام والمسلمين في أوروبا هو في القلب من هذه الظاهرة.
والقضية بحاجة إلى نقاش أكبر وأوسع، . نعني قضية موقع العداء للإسلام من هذه الظاهرة.
إحدى الدراسات حددت السمات الأساسية للجماعات والقوى اليمينية المتطرفة في أوروبا وجوهر الأفكار والمعتقدات التي تحكمها وتحركها، وفي مقدمة هذه السمات ما يلي:
1 – النزعة القومية المتطرفة، أي الشعور بأنهم في أوروبا دولا وشعوبا أرقى من الآخرين على كل المستويات.
بعبارة أخرى، لدى هذه القوى والجماعات شعور قوي بالهوية الوطنية والثقافية إلى حد الاعتقاد العنصري بالتفوق على جميع من عداهم.
2 – بسبب هذه النزعة القومية المتطرفة، تتفق هذه القوى والجماعات على رفض أي شكل من أشكال الاندماج مع أي ثقافات أخرى، وتعتبر ذلك بمثابة تهديد خطير للهوية.
بعبارة أخرى تتفق هذه الجماعات والقوى على رفض التنوع الثقافي والحضاري ورفض التعايش مع الآخر.
3 – أن هذه الجماعات والقوى لديها في أغلب الأحيان تحيزات دينية، بمعنى أن أعضاءها يعتبرون أنفسهم مدافعين عن الدين المسيحي.
ولهذا السبب يقوم الخطاب الآيديولوجي والسياسي والإعلامي لهذه الجماعات على زعم الحفاظ على القيم المسيحية، ويعتبرون هذا ذريعة قوية لرفض الأديان الأخرى، وللدخول في صراعات معها، وخصوصا الإسلام.
هذه هي السمات الأساسية للقوى والجماعات اليمينية المتطرفة في أوروبا. وعلى ضوء هذا نستطيع أن نفهم ماذا وراء هذا العداء للإسلام والمسلمين وكل هذه الكراهية.
هذه القوى والجماعات تعتبر أن محاربة الإسلام والمسلمين ضرورة للحفاظ على حضارتهم وهويتهم كما يفهمونها.
وكما شرحت في مقال سابق تتحمل الحكومات الأوروبية مسؤولية أساسية عن صعود هذه القوى والجماعات، وهي نفسها تشارك هذه الجماعات جوهر أفكارها وقناعاتها العنصرية المتطرفة.
وبالإضافة إلى ما ذكرت سابقا، الحادث أن الحكومات الأوروبية بحثا عن شعبية ولكسب الأصوات تزايد على هذه الجماعات والقوى اليمينية وتتبنى خطابها العنصري المتطرف الكاره للإسلام والمسلمين.
نتذكر مثلا التصريحات التي سبق أن أدلى بها الرئيس الفرنسي ماكرون حين شن هجوما على الإسلام والمسلمين في عام 2020، حين قال إن مسلمي فرنسا يمكن أن يشكلوا «مجتمعا مضادا»، وأن الإسلام يواجه «أزمة» في جميع أنحاء العالم، وحديثه عن خطة لمعالجة ما اعتبره «مجتمعا موازيا» في فرنسا.
على ضوء هذه الجوانب مجتمعة نستطيع أن نفهم ظاهرة العداء للإسلام والمسلمين في الدول الأوروبية وما وراءها.
وفي هذا السياق نستطيع أن نفهم ما وراء إقدام رئيس حزب يميني في السويد على حرق المصحف الشريف مؤخرا.
حكومة السويد، كما كل الحكومات الأوروبية، حين تواجه غضبا إسلاميا بسبب مثل هذه الممارسات العنصرية الكريهة المهينة للمسلمين، تحتج بالقول إن هذا جزء من حريات التعبير. وغير هذا يزعمون أن هذه المواقف والتصرفات المتطرفة لا تعبر عن الموقف الرسمي للحكومات.
وهم كاذبون. هم أكبر الداعمين لهذه الحرب على الإسلام والمسلمين ويشاطرون هذه القوى والجماعات أفكارها ومواقفها العنصرية القبيحة.
كي تكتمل الصورة فيما يتعلق بفهم ظاهرة هذا الصعود للجماعات والأحزاب شديدة التطرف في أوروبا لا بد أن نتوقف عند جانب آخر مهم هو الإرهاب الذي مارسه الغرب في الخارج على امتداد العقود الماضية.