لا يعترفون بالصليب.. طائفة “شهود يهوه” المسيحية التي استهدفتها عملية إرهابية بألمانيا
ردنا – بعدما صرح مسؤولون بأن مسلحاً هاجم قداساً مسيحياً أقامه المصلون لـ”شهود يهوه”، في قاعة عبادة مساء الخميس، 9 مارس/آذار عام 2023، لقي 6 أشخاص مصرعهم وأصيب 8 قبل أن يودي القاتل بحياته في مدينة هامبورغ شمال ألمانيا.
فما هي تلك الطائفة المسيحية التي وقعت ضحية لاستهداف إرهابي؟
أصل طائفة “شهود يهوه” وبدايتها
يعود تاريخ الطائفة المسيحية الدولية لـ”شهود يهوه”، التي تأسست في الولايات المتحدة، إلى أكثر من 100 عام في ألمانيا تحديداً، واليوم يُعتبر حوالي 170 ألف عضو منها هذا البلد الأوروبي موطنهم، وفقاً للموقع الرسمي للطائفة.
يعود تاريخ المذهب نفسه وبداية اعتناقه وتأسيسه إلى القرن التاسع عشر ميلادياً، حينما أطلقه تشارلز تاز راسل، رجل دين أمريكي من مدينة بيتسبرغ بولاية بنسلفانيا.
يقع مقر الطائفة الآن في وارويك بولاية نيويورك، وهي تزعم أن عدد أعضائها في جميع أنحاء العالم اليوم يبلغ حوالي 8.7 مليون.
يشتهر الأعضاء في الطائفة المسيحية بجهودهم الإنجيلية، بما في ذلك طرْق أبواب المنازل، وتوزيع المطبوعات والكتب والشرائط المسجلة في الساحات العامة للتعريف بالديانة.
تشتهر الطائفة بتوزيع المطبوعات والكتب في الساحات العامة للتعريف بالديانة
وصول الطائفة إلى ألمانيا واعتمادها كـ”شركة عامة”
الطائفة المسيحية الدولية لـ”شهود يهوه” تأسست في الولايات المتحدة تحديداً حوالي عام 1870. وقد تأسس أول فرع ألماني لها عام 1902 في إلبيرفيلد في غرب ألمانيا، وذلك قبل تغيير اسم “جمعية برج المراقبة” إلى “شهود يهوه”.
لم تُمنح الطائفة اعترافاً قانونياً حتى عام 2005، في مدينة برلين. ومنذ عام 2017 تم الاعتراف بها كشركة عامة في كل مكان في ألمانيا، بحسب وكالة رويترز العالمية للأنباء.
نضال من أجل كسب حق الاعتراف في بعض الدول
كافحت جماعة “شهود يهوه” من أجل قبول معتقداتهم وممارساتهم في بعض أنحاء العالم. حيث واجهت الجماعة إجراءات قضائية في عدة دول، معظمها بسبب رفضها عمليات نقل الدم الطبيعة وتحريمها في معتقدهم.
لذلك حظرت روسيا الجماعة في عام 2017، كما اعتبرت الكنيسة الأرثوذكسية الروسية “شهود يهوه” طائفة أجنبية خطيرة، وهي الاتهامات التي نفتها الجماعة.
ومع ذلك، يوجد في ألمانيا وحدها اليوم أكثر من 175 ألف عضو في الطائفة، ما يعني أن واحداً من كل 500 ألماني هو من تابعي جماعة “شهود يهوه”، وفقاً لموقع الطائفة الرسمي على الإنترنت.
معتقدات خاصة تجعلهم لا يؤمنون بـ”الصليب” أو “الدولة”
الطائفة المسيحية لـ”شهود يهوه” تمتلك اليوم أكثر من ألفي مجمع ديني، ونحو 900 مكان عبادة رسمي خاص يُسمى بـ”قاعات الملكوت لشهود يهوه”. وهو المكان الذي يشبه المركز الذي تم الاعتداء عليه.
كذلك من اللافت أن الطائفة المسيحية لـ”شهود يهوه” لا تستخدم الصليب في العبادة؛ لأنهم يعتقدون أن الكتاب المقدس يشير إلى أن يسوع لم يمُت على صليب، بل على خشبة بسيطة، وأن الكتاب المقدس “يشدد على المسيحيين بضرورة الهروب من عبادة الأصنام، ما يعني عدم استخدام أي رموز في العبادة”، بحسب موقع الطائفة على الإنترنت.
كما يُشرف على كل مصلٍّ هيئة من كبار السن من أتباع الطائفة، وتشكل حوالي 20 فرداً من المنتسبين الشباب، ما يُسمى بـ”الدائرة”، وهي الفرقة التي يزورها أحياناً الشيوخ المتنقلون الذين يُعرفون باسم “مشرفي الدائرة”، لإرشادهم والحرص على ممارستهم للشعائر الدينية بشكل صحيح.
لا يؤمن شهود يهوه بالصليب وأن المسيح قُتل عليه
ويُعد “شهود يهوه” من الملتزمين الصارمين الذين يمارسون درجات عالية من التأديب، وعندما يُعتبر منتسب للطائفة “مخالفاً” أو “خطاة غير تائبين”، فقد يتم “استبعادهم” أو حرمانهم كنسياً من الاعتناق والممارسة.
وتشمل ممارسات الطائفة رفض حمل السلاح أو تحية العلم الوطني أو المشاركة في السياسة العلمانية للدولة، وذلك لأنهم يعتقدون أن المسيح أمرهم بالبقاء محايدين سياسياً.
كما أنهم لا يؤمنون بخوض الحرب أو التورط في الأمور السياسية.
في الوقت نفسه، يقول “شهود يهوه” إنهم يحترمون الحكومة كجزء من “ترتيب الله” الحالي للبشر، وإن من واجبهم إطاعة القوانين العلمانية ما دامت لا تتعارض مع “قوانين الله”، بحسب موقع الطائفة الرسمي.
لا يقبلون عيد الميلاد أو نقل الدم!
يعتبر “شهود يهوه” أنفسَهم مسيحيين، لكنهم ليسوا بروتستانت، رغم أنهم يرفضون عقيدة الثالوث. وهم يعتبرون أن يسوع لم يكن إلهاً، وأن الروح القدس هو “قوة فاعلة” وليس شخصاً بعينه.
وبحسب موقع The Gospel Coalition المسيحي، يؤمن أتباع الطائفة بأن يسوع هو خلقة الله الأولى والوحيدة للبشر، وبالتالي يحق له أن يُدعى “ابن الله”، ومع ذلك فهم يعتقدون أنه بصفته كائناً مخلوقاً “فهو ليس جزءاً من ثالوث مقدس”.
وهم لا يحتفلون بعيد الميلاد أو عيد الفصح لأنهما متجذرين في العادات والطقوس الوثنية، كما أنهم لا يحتفلون بأعياد الميلاد، لأنهم يعتقدون أن “مثل هذه الاحتفالات لا ترضي الله”.
ومن بين المعتقدات الخاصة بطائفتهم أنهم في حين أنهم يقبلون العلاجات الطبية، ولا يمارسون الشفاء الإيماني البعيد عن الطب، إلا أنهم لا يقبلون عمليات نقل الدم لأنهم يؤمنون بـ”أوامر الكتاب المقدس بعدم تناول الدم”.