شكاوى مسيحية عن تزايد اعتداءات الاحتلال منذ تشكيل الحكومة اليمينية

ردنا – أبلغ قادة الكنيسة المسيحية عن زيادة في عدد الهجمات ضدهم، وتشمل اعتداءات شخصية على رموز مسيحية وتخريب الكنائس منذ تشكيل الحكومة، ما قد يؤدي لإشعال أزمة جديدة مع أقرب حلفاء الاحتلال من العالم المسيحي.

وزعم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في خطاب ألقاه للمسيحيين الصهاينة في ريو دي جانيرو أواخر عام 2018 أنه “إذا كنت مسيحيًا في الشرق الأوسط، فلا يوجد سوى مكان واحد آمن لك، لأن المجتمع المسيحي ينمو ويزدهر في دولة الاحتلال”، فيما نُشر فيديو لرئيس قسم الدبلوماسية الرقمية بوزارة الخارجية ديفيد سارانغا، وهو يقوم بجولة عيد الميلاد في البلدة القديمة بالقدس المحتلة، على مواقع التواصل الاجتماعي.

ليزر بيرمان، مراسل موقع “زمن اسرائيل”، أشار إلى أن “صورة التعايش المرسومة من المسؤولين الإسرائيليين تواجه تناقضا صارخا مع التجارب التي وصفها القادة المسيحيون في القدس المحتلة، ممن يتحدثون عن جو صعب يشمل المضايقات واللامبالاة من جانب السلطات الإسرائيلية، والخوف المتزايد من تخول حوادث البصق والتخريب إلى شيء أكثر قتامة، ما يخلق شعورا بتدهور أمن المسيحيين، ويجعل منها مشكلة دبلوماسية خطيرة أخرى للحكومة”.

وأضاف في تقرير أن “عينة من هذه الاعتداءات طالت المسيحيين في فلسطين المحتلة في الآونة الأخيرة، تمثلت بتكسير تمثال يسوع على يد سائح يهودي أمريكي مطلع فبراير خلال موكب للمسيحيين الكاثوليك بحضور اثنين من كبار الشخصيات الكاثوليكية؛ البطريرك فايرباتيستا فيتزفالا وحارس الأرض المقدسة فرانشيسكو باتون، ولم يتوقف الأمر عند هذا الاعتداء وحده، فقد وقعت سبعة اعتداءات في الأسابيع القليلة الماضية، وليس من قبيل المصادفة أن هذه الحوادث الخطيرة تحدث بالضبط الآن”.

وأشار إلى أن “رجال الدين المسيحيين بالبلدة القديمة عانوا من اعتداءات متكررة من التخريب والمضايقات في الماضي، لكن في الأسابيع الأخيرة حدثت زيادة كبيرة في الهجمات ضدهم، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، تم اعتقال جنديين من لواء جفعاتي من قبل الشرطة؛ للاشتباه في البصق على رئيس أساقفة أرمني وحجاج آخرين نظموا موكبًا في البلدة القديمة، وفي بداية كانون الثاني/ يناير تم اعتقال شابين يهوديين بتهمة التسبب بإتلاف شواهد القبور في المقبرة البروتستانتية في جبل صهيون، وفي الأسبوع التالي في عيد الميلاد خرّب مجهولون مركز الطائفة المارونية”.

وأكد أن “مباني الجالية الأرمنية في القدس شكلت هدفا للاعتداءات، وتم رش كتابات بغيضة على جدرانها، وطبقا للبطريرك الأرمني، فإن عبارات: “الانتقام؛ الموت للمسيحيين والعرب والأمم والأرمن” باتت متكررة على الجدران والأبواب في الحي الأرمني، وما زالت الهجمات مستمرة، حيث قامت مجموعة متدينين يهود برمي الكراسي في مطعم أرمني قرب البوابة الجديدة بالبلدة القديمة، ووقع تخريب التمثال في كنيسة الجلد بعد أسبوع، فيما هاجم مستوطن يهودي قساوسة بقضيب حديدي في كنيسة مريم القبر”.

الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية أعلنت أن “الهجمات الإرهابية التي تشنها مجموعات المتطرفين الإسرائيليين ضد الكنائس والمقابر والممتلكات المسيحية أصبحت تحدث شبه يومي، وتزداد حدتها خلال الأعياد المسيحية، فيما أكد الأب ماثيو سكرتير بطريرك الروم الأرثوذكس ثيوفيلوس الثالث أن اثنين من المتدينين اليهود اعتديا على كاهن معاق بينما كان يخرج ببطء من دير الروم الأرثوذكس، وهاجموا كاهنًا آخر برش عبوات رذاذ الفلفل في وجهه”.

أمير دان المتحدث باسم الحراسة الفرنسيسكانية للأراضي المقدسة أكد أن “شرطة الاحتلال تصوّر الهجوم على المسيحيين بالحادث المنعزل، وتزعم بأن المهاجمين غير مستقرين عقليًا، حتى تبرئ نفسها من المسؤولية، وبالفعل فقد أعلنت أنها تفحص المعتدين ما إذا كانوا يعانون من مشاكل عقلية، ومنذ تخريب تمثال يسوع، فإن الفرنسيسكان في البلدة القديمة قلقون للغاية، وأعلن الأب ألبرتو باري مدير معهد ماجنيفيكات أنهم “أغلقوا أبواب مجمع سان سلفادور ليلاً، وهي خطوة لم يتخذوها من قبل، لأن جميع المسيحيين يدركون أنه يمكن لشخص ما أن يأتي ويفعل شيئًا ما”.

ونقل عن “العديد من المسؤولين في المجتمع المسيحي الادعاء بأن الزيادة في الهجمات مرتبطة بالتحالف الحكومي الحالي، الذي يضم شخصيات يمينية متطرفة مثل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، لأنه بسبب الوضع الحكومي يشعر بعض المتطرفين اليهود بأنه لن يوقفهم أحد، ربما فكروا بفعل ذلك من قبل، لكن بعد أن كانت لهم سيطرة أكبر من الشرطة، أو دعم من القادة السياسيين، فإنهم يشعرون أنه يمكنهم فعل ما يريدون، ولن يحدث لهم شيء”.

أما تامي لافي من مركز الثقافات بالقدس، فأكد أن “ما لا يقل عن 50٪ من مواكب الجمعة الأرمنية تتعرض للبصق والشتائم، ومن يمرون عمدا بمنتصف الحفل، مما ينجم عنه إزعاج السياح والاحتفالات المسيحية ، فيما نشر “بطاركة ورؤساء كنائس القدس” قبيل عيد الميلاد 2021 بيانا مشتركا حذر من محاولة المنظمات اليهودية المتطرفة إخراج المسيحيين من القدس المحتلة، وقد سبق لرؤساء الكنائس الكاثوليكية والروم الأرثوذكسية والأرمنية أن اتهموا بلدية القدس بـ”حملة ممنهجة ضد الكنائس والجماعة المسيحية في الأرض المقدسة”.

وأكدوا أن “هذا يذكرنا بالقوانين المماثلة التي تم سنها ضد اليهود في الأوقات المظلمة في أوروبا، بالتزامن مع تخوفهم من اعتزام الكنيست إجراء مناقشة، وربما التصويت، على مشروع قانون من شأنه أن يسمح للدولة بمصادرة الأراضي التي تبيعها الكنيسة لمستثمرين من القطاع الخاص، وقرار بلدية القدس بتجميد أموال الكنائس حتى أن يدفعوا ضرائب الأملاك بملايين الشواقل، مما أوقع دولة الاحتلال تحت ضغوط شديدة من الفاتيكان والدول الأرثوذكسية مثل روسيا واليونان والمنظمات المسيحية الإنجيلية المؤيدة الموالية لإسرائيل”.

تجدر الإشارة أن عدد المسيحيين في دولة الاحتلال زاد بنسبة 1.4٪ في 2020، وبلغ عددهم 182 ألفًا، مما قد تجد نفسها قريبًا تحت ضغط أكبر من أهم حلفائها المسيحيين حول العالم، حيث لم تخف الدول الغربية انزعاجها في مواجهة الانقلاب القانوني، وتصريحات وزراء اليمين المتطرف، لأن الفاتيكان وسفراء إيطاليا وإسبانيا وفرنسا واليونان وبلجيكا والولايات المتحدة يحصلون على تحديثات إخبارية منتظمة عن الاعتداءات ضد مسيحيي الأرض المحتلة.

في الوقت ذاته، لا يوجد الكثير من التفاؤل بين رجال الدين المسيحيين في القدس المحتلة بشأن تحسن الوضع في المستقبل القريب، حيث لن يتغير شيء، بل إن المسيحيين يتنبأون بما هو أسوأ بحقهم من المتطرفين اليهود، بما فيه عمليات القتل.

 

المصدر: عربي21
مواضيع إضافية
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.