مجلس الأمن يصدر قراراً يدعو للتصدي لخطاب الكراهية والتمييز

ردنا – دعا كل من أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وفضيلة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، ونيافة رئيس الأساقفة بول ريتشارد جالاجير أمين العلاقات مع الدول فى الكرسى الرسولى، ورئيسة ومؤسسة جمعية عماد للشباب والسلام “لطيفة بن زياتن”، للتصدى لخطاب الكراهية والتمييز وتعزيز الأخوة الإنسانية.

وبحسب المركز الإعلامي للأمم المتحدة، عقد مجلس الأمن الدولي لأول مرة ليلة أمس بتوقيت نيويورك، جلسة على المستوى الوزاري حول “أهمية قيم الأخوة الإنسانية في تعزيز السلام والحفاظ عليه”، كُللت بقرار صدر بالإجماع يدعو للتصدي لخطاب الكراهية .

يحث قرار مجلس الأمن – الصادر بالإجماع – الدول والمنظمات الدولية والإقليمية على الإدانة العلنية للعنف وخطاب الكراهية والتطرف المدفوع بالتمييز، بما في ذلك على أساس العرق أو النوع الاجتماعي أو الدين أو اللغة.

ويشجع القرار كل الأطراف المعنية، بما في ذلك القادة الدينيون والمجتمعيون ووسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي وأصحاب النفوذ، على الحديث ضد خطاب الكراهية وتطوير ومشاركة الممارسات الفعالة لتعزيز التسامح والتعايش السلمي .

وشدد مجلس الأمن الدولي، في قراره، على أهمية الحوار بين المنتمين للديانات والثقافات ومساهمته القيمة في تعزيز التماسك الاجتماعي والسلام والتنمية .

وشجع المجلس الدول على تعزيز المشاركة الكاملة والمتساوية وذات المغزى والآمنة للنساء وقيادتهن على جميع مستويات صنع القرار في إطار جهود تعزيز التسامح والسلام الجامع والدائم.

وأكد فضيلة الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر ورئيس مجلس حكماء المسلمين، في كلمته عن أهمية الدعوة إلى نشر السلام والمحبة بين الشعوب. وشدد على ضرورة عدم التقاعس في التصدي لخطاب الكراهية واستغلال الأديان والمذاهب في إشعال الحروب بين الشعوب، وبث الخوف والرعب في قلوب الآمنين.

وأشار الطيب إلى أن هذا ما سعى ويسعى إليه الأزهر بالتعاون مع الكنيسة الكاثوليكية والكنائس الغربية والشرقية والمؤسسات الدينية الأخرى، من أجل إحياء ثقافة الحوار والتعارف بين أتباع الأديان، وترسيخ مبدأ السلام والتعايش السلمي.

وأضاف أن الأزهر يعمل بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين، والكنيسة الكاثوليكية وكنيسة كانتربيري، وغير ذلك من المؤسسات الدينية المختلفة، على تنظيم تجمع لقادة الأديان ورموزها للتشاور حول هذه الأزمات وتحديد المسؤولية المشتركة في مواجهتها، وبخاصةٍ قضية التغير المناخي وتزايد وتيرة الحروب والصراعات.

وتابع “ما قصدت في كلمتي هذه أن أحدثكم عن الإسلام، ولكن قصدت دعوتكم لإطفاء الحروب العبثية التي اندلعت في العقود الأخيرة، ولازالت تندلع في منطقتنا وفي عالمنا اليوم: أتحدث عن حرب العراق، وحرب أفغانستان وما خلفته من مآسٍ وآلام وأحزان، طوال عشرين عاما. أتحدث عن سوريا وليبيا واليمن وتدمير حضاراتهم العميقة… وفرار أبنائهم ونسائهم وأطفالهم، من هول حروب لا حول لهم فيها ولا قوة. أتحدث عن مقدساتي ومقدساتكم في فلسطين، وما يكابده الشعب الفلسطيني من غطرسة القوة، وقسوة المستبد، وإني لآسى كثيرا لصمت المجتمع الدولي عن حقوق هذا الشعب الأبي”.

وحيّا شيخ الأزهر “صوت الحكمة” في كلمة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، وإيمانه الواضح بأهمية دور الأديان وقيم الأخوة الإنسانية في تحقيق السلام العالمي.

وبدوره دعا أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في افتتاح الجلسة، إلى عقد تحالف من أجل السلام، يتجذر في حقوق الإنسان وقيم الأخوة الإنسانية. وقال إن وثيقة “الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش معا” – التي وقعها قداسة البابا فرنسيس والإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف أحمد الطيب تعد نموذجا للرحمة والتضامن الإنساني.

كما دعا إلى أن نستلهم جميعا من هذا الإعلان وأن نجدد التزامنا بالوقوف معا كأسرة بشرية واحدة، قائلا إنه يقع على عاتق الزعماء الدينيين مسؤولية “منع استغلال الكراهية بين أتباعهم”. وقال إن الوثيقة تحث الزعماء الدينيين والسياسيين على إنهاء الحروب والصراعات وتدمير البيئة والتكاتف والعمل معا من أجل خير البشرية، مؤكدا أن الزعماء الدينيين هم حلفاء أساسيون في سعينا المشترك من أجل السلام العالمي.

وقال غوتيريش إن كل دين عظيم يستدعي ضرورات الأخوة الإنسانية والاحترام المتبادل والتفاهم. “هذه القيم العالمية هي جوهر ميثاق الأمم المتحدة وهي في صميم عملنا من أجل السلام والعدالة وحقوق الإنسان”.

ولفت إلى أن الكراهية تغذي أسوأ النزعات البشرية وتمثل حافزا للاستقطاب والتطرف، وممرا لارتكاب الجرائم الفظيعة، الأمر الذي يساهم في دورات مروعة من العنف يمكن أن تستمر لعقود. وقال الأمين العام إن “شيطنة الآخر وازدراء التنوع وتجاهل حقوق الإنسان ليست شرورا جديدة على عصرنا لكن الجديد هو سرعة انتشارها ومدى وصولها”.

وحذر غوتيريش من انتشار نظريات المؤامرة والأكاذيب السخيفة والمعلومات المضللة على الإنترنت. وأضاف: “الأمم المتحدة نفسها ليست بمنأى عن هذا التهديد. في العام الماضي، وجدت دراسة استقصائية لأفراد حفظ السلام التابعين للأمم المتحدة أن 75 في المائة منهم يرون في المعلومات المغلوطة والمضللة تهديدا مباشرا لسلامتهم وأمنهم”.

وقال الأمين العام إن الكراهية تمثل خطرا على الجميع – لذا فإن محاربتها يجب أن تكون وظيفة للجميع. “يجب علينا بشكل جماعي تعزيز دفاعاتنا ضد الكراهية”.

بدوره، قال نيافة رئيس الأساقفة بول ريتشارد جالاجير، أمين العلاقات مع الدول في الكرسي الرسولي إننا “نعاني بالفعل من مجاعة في الأخوة التي تنشأ من العديد من حالات الظلم والفقر وعدم المساواة وكذلك من غياب ثقافة التضامن”. وقال إن العولمة “وعلى الرغم من أنها قربت بيننا إلا أنها لم تقوِّ رابط الأخوة بيننا”. وأشار إلى أن أسوأ آثار مجاعة الأخوة هذه تتجلى في الصراع المسلح والحرب، التي تصنع عداءات بين شعوب بأكملها، الأمر الذي يتردد صدى تداعياته السلبية على مدى أجيال. وأضاف: “بوصفي رجلا مؤمنا، أعتقد أن السلام هو حلم الله للبشرية. لكن للأسف ألاحظ أنه بسبب الحرب، تحول هذا الحلم الرائع إلى كابوس”.

وقال رئيس الأساقفة إن بناء السلام حرفة تتطلب الشغف والصبر والخبرة وبعد النظر والمثابرة والتفاني والحوار والدبلوماسية، كما تتطلب أيضا الاستماع إلى صرخات من يعانون من الحروب.

من جهتها، شددت رئيسة ومؤسسة جمعية عماد للشباب والسلام “لطيفة بن زياتن”، على أهمية السلام “لأنه أقوى من الكراهية” ولكنها استدركت قائلة “غير أن السلام يستدعي جهدا وعملا”. وقالت إنها ظلت تلاحظ هذا الأمر خلال عملها مع الشباب على تعلم معاني التسامح والعيش المشترك والمحبة.

وأكدت على أهمية التعليم في مكافحة الإرهاب. ومضت قائلة: “نرى الشباب يقعون اليوم في فخ الإرهاب. كيف يحصل ذلك؟ بوصفي امرأة ظللت أعمل على الأرض منذ 11 عاما لمست بنفسي مدى أهمية التعليم”.

كما أكدت أيضا على ضرورة أن يتلقى الشباب التوجيه من الآباء والأمهات والمدرسة والمجتمع، محذرة من أنه بخلاف ذلك سيكون الشباب في مأزق.

 

المصدر: المركز الإعلامي للأمم المتحدة
مواضيع إضافية
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.