“گُلاب”.. ماء الورد الإيراني الذي نُسب للنبي لطيب رائحته

ردنا – “الورد المحمدي”.. هي التسمية التي أطلقها الإيرانيون منذ القدم على الورد الجوري، واعتبروه رمز الجمال والنقاء والرائحة الزكية المنسوبة لعطر النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، لما يحمله “الجوري” من بعد معنوي يظهر العاطفة والحب الصادق وما تحمله النفس من مشاعر نبيلة لخاتم المرسلين عليه وآله أفضل الصلاة والسلام.

ومن هذا المنطلق، توسعت زراعة الورد المحمدي في أنحاء البلد، وانتشرت صناعة ماء الورد، أو ما يسمونها “گُلاب” ذي الجودة العالية، وأصبحت إيران من أكبر منتجي الورد المحمدي وماء الورد عالميا، حيث تصدر منه آلاف الأطنان سنويا لدول العالم أبرزها مكة المكرمة لاستخدامه في تنظيف وتعطير بيت الله الحرام.

وفي مطلع عام 2023، تم إدراج مراسم تقطير ماء الورد في “قمصر” بمدينة كاشان الإيرانية في النصف الثاني من شهر مايو في التقويم السياحي العالمي، وجرى إرسال جميع وثائق التسجيل العالمي إلى اليونسكو.

ويعتبر ماء الورد مقدسا في ثقافة الشعب الإيراني، حيث يستخدمونه في تنظيف المساجد وفي الأعياد والاحتفالات والتعازي، وكذلك في المأكولات خصوصا في شهر رمضان المبارك.

كما إن ماء الورد يعتبر خير هدية تتبادلها العائلات الإيرانية فيما بينها خصوصا في فصل الصيف، لما له أهمية في تخفيف العطش، بالإضافة إلى فوائده الأخرى بالنسبة للجلد والأرق والصداع والهضم.

ويتمسك الكثير من السياح الأجانب على مدى عقود طويلة، باقتناء ماء الورد الإيراني، كهدية عند العودة من إيران.

ويستهلك الإيرانيون سنويا 80 مليون لتر من ماء الورد.

“گلاب قمصر” لغسل وتعطير الكعبة المشرفة

وعلى مدار سنوات، ترسل إيران أجود أنواع ماء الورد إلى مكة المكرمة خصیصاً لغسل الكعبة المشرفة، حيث یتم سنویا إعداد أفضل أنواع ماء الورد في مدینة قمصر التابعة لمحافظة كاشان جنوب طهران.

وفي هذا العام، أعلن مسؤولون إيرانيون، عن الإنتهاء من عملية استخراج 80 لترًا من ماء الورد الإيراني، تم تحضيرها من 200 كيلو غرام من أزهار مدينة قمصر عالية الجودة، وإرسالها إلى المملكة العربية السعودية في أول رحلة لحجاج بيت الله الحرام.

وتبدأ مراسم غسل الكعبة بأداء 7 أشواط حول الكعبة وصلاة ركعتین، ثم یتم غسل جدار الكعبة بأفخر أنواع عطر الورد والعود والمسك بالقماش الأبیض، ثم یسكب ماء زمزم مخلوطاً بماء الورد في أرضیة الكعبة ویتم كنسها ومسحها بالید، وتحضر المقشات المصنوعة من سعف النخیل والمساحات الخشبیة، ولفائف كثیرة من القماش والمنادیل البیضاء لتبدأ مراسم غسل جوف الكعبة.

ویتم غسل أرضیه الكعبه المكسوة بالرخام، وتتزاحم الأیادي في تدلیك جدرانها الأربعة، وبعد الفراغ من عملیة الغسل یتم تجفیف ما علق فیها من ماء بقماش ومنادیل جدیدة ثم یبادر الجمیع بدهن جدرانها بكمیات من دهن العود المعتق ودهن الورد.

التصدير إلى العالم

تستحوذ إيران على 90% من سوق ماء الورد العالمي تملكه بلاده حيث تجاوزت صادرات الورد وماء الورد والزيت العطري عشرة ملايين دولار السنة الماضية، وتشكل الأراضي المخصصة لزراعة الورد الجوري أكثر من 24 ألف هكتار.

ولماء الورد الإيراني قيمة اقتصادية بالنسبة للبلاد، ويجلب العملة الصعبة لإيران. ويقول المسؤول عن تنفيذ مشروع النباتات الطبية في وزارة الزراعة الإيرانية حسين زينعلي إن تصدير منتجات “ورد المحمدي” جلب إلى البلاد في العام الإيراني المنصرم (21 مارس/آذار 2022 حتى 20 مارس/آذار 2023)، مبلغا يعادل 4 ملايين و500 ألف دولار تقريبا.

وتحتل الصين المرتبة الأولى في استيراد هذه المنتجات من إيران، كما وتُصدَّر المنتجات أيضا، إلى بلدان مثل اليابان وألمانيا والنمسا وبلغاريا وكندا والسويد والنرويج وأستراليا، بالإضافة إلى البلدان المجاورة لإيران، مثل العراق وتركيا وباكستان والكويت والبحرين والإمارات وقطر وعمان.

أنواع المنتجات

يُنتج ماء الورد بالطريقتين الصناعية والتقليدية، وتختلف جودة ماء الورد وفق مرات استخراجه.

• الجودة الأضعف تكون في استخراج ماء الورد من الورد الذي سبق أن خضع لعملية الاستخراج وطبخه بالماء.
• ثم تأتي الجودة الأفضل من هذه، عند استخراج ماء الورد من الورد للمرة الأولى، وأيضا بطبخه بالماء.
• ثم الجودة الأفضل، أي استخراج ماء الورد من الورد للمرة الأولى، لكن هذه المرة يُطبخ الورد بماء الورد بدلا من الماء، وتسمى هذه الجودة في إيران “دو آتشه”.
• أما الجودة الأفضل على الإطلاق، فهي استخراج ماء الورد من الورد الذي لم يستخرَج ماؤه سابقا وطبخه بماء ورد “دو آتشه”، وتسمى هذه الجودة “سه آتشه”.

المصدر: ردنا + مواقع إلكترونية