ماذا تعرف عن “المشي” في شعائر الأديان المختلفة؟

ردنا – يعتبر المشي أحد أكثر الأنشطة المتميزة بطابعها الصحي المفيد لروح الإنسان وبدنه. ويرى علماء النفس إنه في حالات مثل المشي المنتظم، وخاصة على الطرق الطويلة والهادئة خارج المدينة، يكون العقل البشري أكثر انفتاحًا وفي حالة نفسية أفضل. تخيل الآن أن ينطبع المشي بطابع ديني، ففي هذه الحالة سيكون له فوائد روحية ومعنوية كثيرة.

ويُعرف لدى المسلمين الشيعة شعيرة كبيرة يطلق عليها تسمية “المشي في الاربعين“، والتي تصادف العشرين من صفر، ذكرى مرور أربعين يوماً على استشهاد الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) في واقعة الطف بكربلاء.

وتعتبر زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) في الأربعين من أهم المناسبات عند الشيعة، حيث تخرج مواكب العزاء ويتوافد الملايين من الشيعة من كافة أنحاء العالم إلى أرض كربلاء لزيارة حرم الحسين.

ويقوم الملايين من الزوار رجالاً ونساءاً، شيوخاً وأطفالاً، بالحضور إلى كربلاء المقدسة مشياً على الأقدام، حاملين الرايات تعبيراً عن النصرة لمنهج الإمام الحسين.

ولا يقتصر “المشاية” على الشيعة فحسب، بل يشارك في هذه الشعيرة أهل السنة من المسلمين، بالإضافة إلى أتباع مختلف الأديان الأخرى.

لكن شعيرة المشي لزيارة الإمام الحسين في الأربعين لا تختص بالشيعة، بل إن الأديان والمدارس المذهبية وحتى الاتجاهات المعنوية الجديدة، تنظر إلى المشي الروحاني بمنظار الشعائر الدينية، وترى فيه تجرداً عن الذات الإنسانية، وانطلاقة إلى معانيَ أسمى وأعظم.

وفيما يلي لمحة عن أهم الشعائر الدينية التي تمارس عبر المشي في الأديان المختلفة حول العالم:

 

الهندوس و الـ “كومبه ميلا”

“كومبه ميلا” عبارة عن حج هندوسي يحدث أربع مرات كل 12 سنة ويتنقل بين أربعة مواقع. ويتجمع حجاج من أنحاء العالم لحضور مراسم تمتزج فيها الروحانية بالسياسة والسياحة.

وتمتد الطقوس لثمانية أسابيع في مدينة “براياجراج” بولاية أوتار براديش شمال البلاد، ويشارك فيها أكثر من 100 مليون شخص، بمن في ذلك مليون زائر أجنبي، ليغتسلوا عند ملتقى نهري الغانج ويامونا مع نهر ساراسواتي الأسطوري.

ويؤمن الهندوس المتدينون بأن الاستحمام في مياه الغانج يغفر الخطايا وبأن الاغتسال وقت مهرجان كومبه ميلا أو “مهرجان الوعاء” يجلب الخلاص من دورة الحياة والموت.

عشرات الملايين من الهندوس يشاركون في مهرجان “كومبه ميلا”

 

ساباريمالا.. الطرق الوعرة

ساباريمالا هو معبد هندوسي في ولاية كيرالا، ويقع هذا المعبد على تلة ويزوره ملايين الرجال سنويا، يتسلقون التل وهم حفاة الأقدام لزيارة المذبح المقدس.

وهناك طرق عدة لدخول المذبح، أبرزها التسلق لحوالي 18 خطوة أعلى التل ثم الدخول إليه، ووفقاً للموقع الإلكتروني لمعبد ساباريمالا، يُعد هذا النشاط مقدسا، ولا يسمح بممارسته إلا بعد الصيام لمدة 41 يوما. ويُفتح المعبد لفترات قصيرة على مدار العام.

 

طريق سانتياغو

طريق سانتياغو أو طريق القديس يعقوب، هو عبارة شبكة من طرق الحجاج المسيحيين إلى مقام القديس يعقوب بن زبدي في كاتدرائية سانتياغو دي كومبوستيلا في جليقية في شمال غرب إسبانيا، حيث تروي الحكايات أن رفات القديس تم دفنه هناك. كما أن الطريق شهير لدى عشاق رحلات الهواء الطلق وركوب الدراجات في الجبال.

وهذا الطريق كان أحد أهم الطرق للحج المسيحي في العصور الوسطى إلى جانب روما والقدس، وتشمل طرق الحج الرئيسية الأخرى طريق فيا فرانتشيجينا إلى روما والحج إلى القدس.

وأدت عوامل تاريخية، مثل الموت الأسود والإصلاح البروتستانتي والاضطرابات السياسية في أوروبا القرن السادس عشر، إلى تراجع أهميته. وأعلن عن الطريق في أكتوبر 1987 بأنه طريق ثقافي أوروبي من قبل مجلس أوروبا. كما تم تسجيله ضمن مواقع التراث العالمي لليونسكو.

واجتذب الطريق عددا متزايدا من الحجاج المعاصرين من مختلف أنحاء العالم منذ الثمانينات.

يجتذب طريق سانتياغو عددا متزايدا من الحجاج المعاصرين من مختلف أنحاء العالم منذ ثمانينات القرن الماضي

 

اليهود وحائط المبكى

يمارس اليهود شعيرة الحج بزيارة بيت المقدس وبالتحديد حائط المبكى “البراق” أو الحائط الغربي، وهو بحسب اعتقادهم المتبقي من هيكل سليمان ، وزيارة “تابوت الرب” بالقدس أيضا. وهو فرض على الذكور دون الإناث والقصر والمرضى، وكل شخص عليه أن يقدم “صدقة” لم تحدد قيمتها.

الزوار اليهود يجتمعون عند “حائط المبكى”

 

البوذيون والمعاناة في الحج

يحج البوذيون إلى أربع مناطق مقدسة تتوزع بين النيبال والهند، وهي لومبيني مسقط رأس معلمهم الأعظم بوذا في النيبال، وبود جايا حيث جاءه الوحي أو “التنوير” للمرة الأولى، تحت شجرة تين، بعد سنين من التأمل. وسارناث في الهند، حيث علّم للمرة الأولى، وكوسينارا في الهند حيث مرقده و”النيرفانا الأخيرة”.

ويتكبد البوذيون معاناة قاسية لأداء طقوس الحج وفق عقيدتهم الدينية، حيث يفترض عليهم الزحف على بطونهم، مرتدين أحذية تشبه الـ”قباقيب” في أرجلهم وأيديهم، حتى يصلوا إلى تمثال “بوذا”، قاطعين مسافات طويلة، وذلك في معبد ستوبا، الذي يُعد مركزا مهمًا للبوذية التبتية، ويعود تاريخه للقرنين السادس والخامس الميلاديين، حيث يتوجه آلاف الحجاج البوذيين خلال رحلة مقدسة إلى نيبال لزيارة ستوبا والأديرة القريبة منه.

 

المصدر: ردنا + مواقع إلكترونية
مواضيع إضافية
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.