رغم الحظر الإعلامي.. مسيرة الأربعين تزداد مجداً عاما بعد عام
ردنا – انتهت مسيرة أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام) هذا العام، لكنها كانت متميزة عن الأعوام السابقة بوضوح، سواءا من حيث من حيث الإعداد والتنظيم، أو من حيث أعداد المشاركين وحشود “المشاية”، فكانت مشاركة أكثر من 22 مليون شخص من كافة أنجاء العالم في هذه الشعيرة خلال شهر صفر من أبرز معالم هذا الحدث الديني والاجتماعي في العالم الإسلامي، لكن كما كان متوقعاً، لم يكن لهذا الحدث صدى يُذكر في وسائل الإعلام العالمية.
وكحالها في الأعوام السابقة، أقيمت مراسم الأربعين هذا العام بمستوى عال من الهيبة والفخامة، وحافظت على مكانتها كأكبر تجمع ديني للبشرية في العالم، فهناك الكثير من الشعائر والطقوس التي تقام من أجل تعظيم المفاهيم المعنوية والروجانية في مختلف الأديان والمدارس المذهبية حول العالم، إلا أن المفاهيم والمعاني الخفية في مسيرة الأربعين تتميز بمستوى أعمق وأوسع دلالة في الإشارة إلى المفاهيم الإنسانية المتعالية.
والحقيقة أن من الأسباب الرئيسية لثورة الإمام الحسين (عليه السلام) هو استعادة القيم الأخلاقية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن هنا فإن من الضروري تبيين رسالة عاشوراء في المجتمعات التي تنأى بنفسها اليوم عن المفاهيم الأخلاقية وتبتعد عن الروحانية والمعنوية ، ومفاد الرسالة أن العودة إلى تلك المبادئ والقيم لا يتطلب من الإنسان مجرد السعي والجهد، بل عليه أن يضحي بحياته من أجل تحقيقها.
لقد علمتنا عاشوراء أن مقاومة عدو الله وعدو الدين حق وضرورة، وأن على الإنسان أن يسير في هذا الطريق حتى النهاية، فالإمام الحسين (عليه السلام) كان يعلم أنه يواجه حرباً غير متكافئة مع العدو من حيث العدة والعتاد، لكنه قاوم لتحقيق هدفه الأسمى والحفاظ على دين الله.
لا شك أن المدرسة الشيعية ومن خلال إحياء عاشوراء وزيارة الأربعين، أظهرت للعالم أجمع مبادئها وأسسها الفكرية القائمة على مناهضة الظلم والاستبداد ومواجهة العدو والدفاع عن المظلومين والتضحية بالأرواح في سبيل الأهداف والقيم الإنسانية. وفي كل عام يستعرض الشيعة، بل وحتى أتباع المذاهب الإسلامية والأديان الأخرى، هذا الخطاب وهذه الثقافة الفكرية في عاشوراء والأربعين ليواصل المنهج الحسيني مسيرته.
وعلى الرغم مما أبرزته الحشود المليونية المشاركة في هذه التظاهرة الإنسانية الكبرى من عظمة وهيبة تحطمت معها العديد من الأرقام القياسية، إلا أنها لا زالت تواجه الرقابة والحظر الإعلامي في وسائل الإعلام العالمية، وفي الوقت نفسه محاولة البعض للتشكيك فيها وجعلها موضع جدل ونقاش بهدف تشويه صورتها في الرأي العام، ورغم هذا وذاك، تتواصل هذه المسيرة، ويستمر المنهج الحسيني، ويزداد مجداً وجلالا عاما بعد عام.