كيف حاولت بريطانيا إنشاء دولة لليهود في أوغندا قبل فلسطين؟

من إحدى الهجرات الإستيطانية اليهودية الأولى إلى فلسطين

ردنا – مقابل الخدمات التي قدموها لصالحها بالمستعمرات الثلاث عشرة وأثناء فترة حرب الاستقلال الأميركية، لم تتردد بريطانيا في تحرير العديد من “العبيد” بمناطق كارولينا الجنوبية وجورجيا ومريلاند. ومع استقلال الولايات المتحدة، نقل البريطانيون هؤلاء “العبيد” المحررين نحو أراضي كندا التي كانت بتلك الفترة مملوكة للتاج البريطاني.

وأملاً في إنهاء أزمة العبيد المحررين، الذين قدر عددهم بعشرات الآلاف حينها، اتجهت بريطانيا لاعتماد خطة سعت من خلالها لإعادة هؤلاء العبيد نحو القارة الأفريقية. وبمناطق سيراليون الحالية، أسس البريطانيون عام 1787 مدينة فريتاون (Freetown) واتجهوا تدريجياً لنقل العبيد المحررين بالأراضي والممتلكات البريطانية نحوها أملاً في توطينهم هنالك بشكل نهائي.

وخلال القرن العشرين، عادت هذه الخطط البريطانية للواجهة مرة ثانية. فأمام توافد اليهود عليها وتزايد المشاكل الاجتماعية، خططت بريطانيا لنقل اليهود وتوطينهم بأراضي أوغندا الحالية بشرق القارة الأفريقية.

 

فكرة بريطانية

مع ارتفاع نسبة أعمال العنف ضد اليهود بدول أوروبا الشرقية، خاصة الإمبراطورية الروسية، شهدت بريطانيا خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر توافداً كبيراً لليهود. وتسبب ذلك في ظهور بوادر أزمة بالبلاد حيث شهدت بريطانيا تزايداً في نسبة البطالة وانهياراً للظروف المعيشية للعمال البريطانيين.

من ناحية ثانية، واجهت بريطانيا أزمة اقتصادية خانقة بمستعمرات شرق القارة الأفريقية التي عانت من تدهور البنية التحتية وانهيار الاقتصاد. وأملاً في ضخ مزيد من الأموال وتحريك الاقتصاد، اتجهت بريطانيا في السابق، بمساعدة عدد من المستثمرين البريطانيين، لإنشاء خط سكة حديدية بأوغندا. إلا أن هذه السكة مثلت خيبة أمل للحكومة البريطانية حيث تشاءم البريطانيون إيراداتها الضئيلة التي كانت غير كافية لتغطية مصاريف إنشائها.

وزير المستعمرات البريطاني جوزيف شامبرلين
وزير المستعمرات البريطاني جوزيف شامبرلين

وأمام هذا الوضع، تحدث المسؤولون البريطانيون عن فكرة نقل اليهود المتواجدين ببريطانيا نحو أوغندا. وانطلاقاً من ذلك، آمن البريطانيون بإمكانية نقل المنظمة الصهيونية، التي تواجد ضمنها العديد من الأثرياء، لكميات هامة من الأموال نحو هذه المنطقة لتحريك اقتصادها وتوفير مزيد من العائدات المالية للخزينة البريطانية.

كما أكدت بريطانيا على أهمية نقل اليهود نحو أوغندا لخلق توازن مع البوير (Boers)، ذوي الأصول الهولندية، الذين قطنوا بجنوب القارة الأفريقية، عقب حربي البوير ما بين أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين.

 

فشل مشروع أوغندا

مع تزايد رغبته في إنشاء وطن لليهود، اتجه مؤسس الحركة الصهيونية ثيودور هرتزل (Theodor Herzl) نحو المسؤولين البريطانيين لتحقيق حلمه. وعقب لقائه بوزير المستعمرات جوزيف شامبرلين (Joseph Chamberlain)، حصل هرتزل على ضمانات بريطانية بإمكانية نقل اليهود نحو أوغندا للعيش بها وإنشاء دولتهم القومية على أراضيها.

المؤتمر السادس للحركة الصهيونية المنعقد بمدينة بازل السويسرية – 1903

وأثناء المؤتمر السادس للحركة الصهيونية المنعقد بمدينة بازل السويسرية عام 1903، عرض هرتزل هذه الفكرة البريطانية على أعضاء الحركة وتحدث عن إمكانية نقل يهود شرق أوروبا بشكل مؤقت نحو أوغندا قبل نقلهم فيما بعد نحو فلسطين لإنشاء دولة إسرائيل. وعقب موافقة الأغلبية على هذا المشروع، أرسلت الحركة الصهيونية لجنة لتقييم إمكانية نقل اليهود وتوطينهم بأوغندا.

ومع عودتها، تحدث أغلب أعضاء هذه اللجنة عن صعوبة الفكرة مؤكدين على افتقار أوغندا لأبسط مقومات الحياة. وبسبب هذه التصريحات، عاشت المنظمة الصهيونية على وقع حالة انقسام حيث وصف عدد كبير من أعضائها المشروع الأوغندي بالخيانة.

فيما صوتت الأغلبية الساحقة، خلال المؤتمر السابع للحركة الصهيونية عام 1905، ضد مشروع أوغندا. وبسبب ذلك، تم التخلي عن فكرة توطين اليهود بأوغندا. وشهدت الفترة التالية مناقشات حول إمكانية إرسال بعثات نحو كل من أستراليا وكندا والعراق وليبيا لتقييم فكرة توطين يهود شرق أوروبا بشكل مؤقت بإحدى هذه الدول.

 

المصدر: العربية + مواقع إلكترونية

مواضيع إضافية
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.