“شب يلدا” في التقاليد والثقافة الإيرانية العريقة

ردنا – شبِ يلدا، أو ليلة يلدا، أو شب چلّه، أسماء أطلقها الإيرانيون القدامى منذ آلاف السنين على أطول ليلة في السنة، والذي يوافق آخر أيام الخريف وليلة أول أيام الشتاء (الحادي والعشرين من كانون الأول/ديسمبر ليلا).

ويشتهر الإيرانيون بإحياء هذه الليلة حتى بزوغ الشمس، وانتهاء أطول ليلة مظلمة في السنة، حيث تبدأ ساعات النهار في اليوم التالي في الزيادة على حساب ساعات الليل، وسط عادات وتقاليد رائعة عبر اجتماع أفراد الأسرة في أجواء مفعمة بالمودة والمحبة.

 

غلبة النور وهزيمة الظلام

“يلدا” كلمة سريانية تعني الولادة. ويرى العالم الإيراني الشهير أبو ريحان البيروني، أن يلدا تعني “ولادة الشمس”، ويرمز ذلك إلى النور الذي يهزم الظلام.

أما كلمة “چلّه” فهي مأخوذة من “چهل” (أربعون)، وتعني انقضاء فترة زمنية معينة، وليس بالضرورة انقضاء أربعين يوماً. لكن بعض المصادر التاريخية تشير إلى أن الإيرانيين القدماء كانوا يقسمون السنة إلى تسعة أشهر من أربعين يوماً.

هذه الليلة تعد ليلة تراثية قومية من تراث الحضارة الفارسية والاحتفالات الفارسية القديمة من أيام الديانة الزردشتية.

ليلة يلدا في التقاليد والثقافة الإيرانية العريقة
يحرص الإيرانيون على توفير مستلزمات مائدة “شب يلدا”

 

منزلة الأسرة في الثقافة الإيرانية

وتتميز “شبِ يلدا” بعاداتها وتقاليدها الرائعة والمتميزة، حيث يجتمع أفراد العائلة والأقارب برفقة كبار السن، تعظيما للمكانة المرموقة للأسرة في الثقافة الإيرانية، إذ تحرص العائلات على الاحتفال بتوفير دقيقة إضافية عن باقي الليالي، واستغلالها بالسهر والسمر والحكايات بحضور جميع أفراد الأسرة في بيوت كبار السن، إكرامًا لهم.

وكان الإيرانيون القدامى يجهزون مائدة يطلقون عليها اسم “ميزد”، وهي النسخة القديمة من مائدة “يلدا” الحالية. ووفقًا للعادات،  تشمل هذه المائدة جميع أنواع الفواكه الطازجة والجافة أو الأطعمة الخاصة بـ “يلدا” وفقًا لفلسفة طعام “يلدا” التي احتفظوا بها جيلاً بعد جيل.

وتشمل المائدة الفواكه والأطعمة ومنها الرمان الذي يعتبر سيد المائدة ثم البطيخ الأحمر والعنب والكاكي والزعرور الجرماني والمكسرات والشاي، وكل ما يميل لونه إلى الأحمر لون الشمس.

ليلة يلدا في التقاليد والثقافة الإيرانية العريقة
للرمان الإيراني اللذيذ مكانة خاصة في مائدة “شب يلدا”

وجرت عادة الإيرانيين أن يأخذ الجد الفأل لجميع أفراد العائلة من “ديوان حافظ” للشاعر حافظ الشيرازي، وهم يقرأون أبياتاً من أشعاره وقصائده، وذلك من أجل أن ينتابهم السرور والحظ السعيد في الحياة.

ويعدّ الشاعر حافظ الشيرازي من الشعراء المحبوبين لدى الشعب الإيراني، إذ يعتقدون بفأله و يزورون قبره في شيراز. ويُذكر أنه سمي بهذا الإسم (حافظ) لحفظه القرآن الكريم واستلهامه أبياته وقصائده الشعرية منه، ولهذا يلجأ الإيرانيون إلى فأله ويصدقونه.

كما تقام فعاليات أخرى مثل الطبخ وسرد القصص للأطفال وما شابه، فضلا عن قراءة القران الكريم.

وفي بعض أرجاء إيران، يقبل الناس على قراءة أشعار من كتاب “الشاهنامة” (سيرة الملوك) للشاعر الملحمي الإيراني أبو القاسم الفردوسي. بإلإضافة إلى سرد القصص والذكريات من لسان الآباء والأجداد في الأسرة.

وأدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) احتفالات ليلة “يلدا” الفارسية، في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية.

 

المصدر: ردنا + مواقع إلكترونية

مواضيع إضافية
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.