منتدى الحضارات العريقة بين إرث الماضي وتحديات الراهن

ردنا – استضافت العاصمة الإيرانية طهران، اليوم الخميس، أعمال منتدى الحضارات العريقة بنسخته السابعة، بمشاركة كل من إيران والعراق ومصر واليونان والصين وإيطاليا وبيرو وبوليفيا وأرمينيا والمكسيك.

وكانت فكرة منتدى الحضارات العريقة قد انطلقت من العاصمة اليونانية أثينا في الرابع والعشرين من شهر نيسان/أبريل من عام 2017، حيث عقد الملتقى الأول لممثلي عشر دول، تعدّ مهداً للحضارات القديمة، وهي:

 

  • إيران ممثلة للحضارة الفارسية
  • العراق ممثلا لحضارة وادي الرافدين
  • اليونان ممثلة للحضارة الإغريقية
  • الصين ممثلة للحضارة الصينية القديمة
  • مصر ممثلة للحضارة الفرعونية
  • المكسيك ممثلة لحضارة المايا
  • إيطاليا ممثلة للحضارة الرومانية
  • بوليفيا والبيرو ممثلتين لحضارة الإنكا
  • أرمينيا ممثلة لحضارة الأورارتو.

 

أهداف المنتدى

وتشمل أهداف المنتدى ما يلي:

  1. توطيد العلاقات بين الدول الأعضاء، التي تمتلك إرثاً تاريخياً وحضارياً مشرفاً.
  2. استثمار فرص تبادل الخبرات للتنمية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية بين الدول.
  3. توفير الفرصة للمطالبة باسترداد الآثار المُهَربة والمنقولة إلى غير دولها الأصلية.
  4. تعريف العالم بالحضارات العريقة وبشتى الوسائل والبرامج.
  5. التركيز على مصادر القوة الناعمة، مُمثلة بالحضارات والعناصر التاريخية لأنها أداة لبناء السلام.

 

الرصيد الثقافي والمعرفي

لا شك في أن مثل هذه الملتقيات العالمية الكبيرة، تطلق رسائل مهمة وبليغة ومؤثرة، ترتبط في جانب منها بالعمق التاريخي والإرث الثقافي الذي شكلته حضارات ممتدة في أغوار الزمن، وفي جانب آخر، بما يمكن أن تضطلع به الدول والمجتمعات صاحبة الحضارات العريقة-القديمة من دور محوري ومفصلي في بناء الحاضر ورسم آفاق المستقبل، وفق رؤى ومتبنيات وأسس ومرتكزات سليمة بعيداً عن الحروب والصراعات العبثية المدمرة، لا سيما أن تلك الدول والمجتمعات، تشكل نحو 40% من مجموع سكان البشرية حالياً.

وارتباطاً بالأهداف الخمسة للمنتدى، وكذلك الإمكانيات والقدرات البشرية والمادية للدول صاحبة الحضارات العريقة، وبما تختزنه من رصيد ثقافي ومعرفي، فإنها بلا شك تستطيع أن تساهم في تعديل موازين القوى العالمية وتصحيحها لمصلحة الشعوب والأمم والمجتمعات المظلومة والمضطهدة من قبل “الكبار”، أولاً عبر الحرص على استثمار رصيدها الحضاري التاريخي المعرفي لتقوية جبهاتها الداخلية. وثانياً، في البحث عن كيفية توظيف كل ما تمتلكه تلك الدول وتكريسه، بما يساعدها على استعادة حضورها ودورها وتأثيرها الفردي والجماعي على السواء.

 

الحوار في مقابل الصراع

يتذكر كثيرون أن مبادرة حوار الحضارات التي طرحت من قبل الجمهورية الإسلامية الإيرانية في عهد الرئيس الإيراني الأسبق، محمد خاتمي، قبل نحو ربع قرن، في مقابل نظرية “صراع الحضارات” الغربية، ساهمت في تصحيح الرؤى والأفكار والتصورات المغلوطة.

ولعله في مختلف الحقب والمراحل والأزمان، كانت العوامل التاريخية والثقافية والسياسية والاقتصادية والدينية والقومية والعرقية تتداخل وتتشابك فيما بينها، لتؤدي إلى اندلاع حروب دموية تقتل ملايين البشر وتلحق الدمار والخراب بمدن ودول وأقاليم كاملة، وربما كانت الحربان العالميتان الأولى (1914-1918)، والثانية (1939-1945)، من أبرز المصاديق القريبة لنا في إطار التاريخ الحديث.

واللافت في الأمر، أن جانباً من الحروب والصراعات، دار بين بعض من الدول صاحبة الحضارات العريقة، من دون أن تكون هوية تلك الحروب والصراعات وطابعها حضاريين، كما روّج ونظّر لذلك المفكر الأميركي صموئيل هنتنغتون في تسعينيات القرن الماضي، من خلال مؤلفه الشهير والمثير للجدل (صراع الحضارات Clash of civilization)، بل إنها استدرجت وأقحمت من قبل القوى الدولية الكبرى، على خلفية مشاريع وأجندات سياسية توسعية، لم يكن لها-أي لدول الحضارات العريقة-فيها لا ناقة ولا جمل، بل على العكس من ذلك تماماً، فإن شعوبها ومجتمعاتها، عاشت ويلات ومآسي هائلة من جراء الحروب والصراعات التي استدرجت إليها وأقحمت فيها.

إن الكثير من الصراعات والحروب الإقليمية والداخلية في آسيا وأفريقيا، بل وحتى في أوروبا، بدت كما لو أنها جزء من ذلك المخطط والمشاريع التوسعية. ويجب أن لا ننسى أو نتناسى أن تأسيس كيان خاص بالصهاينة على أرض فلسطين، قبل أربعة وسبعين عاماً، وبتخطيط وإشراف ودعم بريطاني-أميركي بالدرجة الأساس، ليتمخض عن ذلك مصادرة الحقوق وسلبها، وعنف وظلم وإجرام، وتشريد وتغييب وإرهاب، وبالتالي صراع بين ظالم ومظلوم، أخذ أبعاداً دينية وقومية وعرقية وحضارية في أرض فلسطين، التي كانت وما زالت مهداً وموطناً لكل الأديان والأعراق والحضارات الإنسانية.

ويجب هنا ألا نهمل ونتغافل عن الأبعاد والمكاسب السياسية المتحصلة من وراء منتدى الحضارات العريقة وأمثاله من الملتقيات والفعاليات ذات الطابع العالمي، فعالم اليوم الغارق في الصراعات والحروب العسكرية والإعلامية والثقافية الناعمة والخشنة، والأزمات والمشكلات الاقتصادية الخانقة، والضياع الروحي والمعنوي، يحتاج إلى معالجات وحلول جادة تفضي إلى تعديلات جوهرية وتغييرات جذرية ترتكز على المبادئ والقيم الإنسانية الصالحة.

 

المصدر: ردنا + مواقع إلكترونية

مواضيع إضافية
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.