شذرات من حياة الإمام موسى الكاظم (عليه السلام)

ردنا – يصادف اليوم، الخامس والعشرين من شهر رجب ذكرى شهادة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام).

الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) هو الإمام السابع عند الشيعة الإثنا عشرية. هو موسى بن جعفر، الملقب بـالكاظم. تصدّى لمنصب الإمامة بعد استشهاد أبيه الإمام الصادق عليه السلام سنة 148 هـ، واستمرت إمامته 35 سنة إلى أن استشهد مسموماً في 25 رجب سنة 183 هـ في بغداد.

وقد أشادت مصادر الشيعة والسنة على حد سواء بعلمه وعبادته وبجوده وحلمه، ولُقّب بالكاظم لشدة كظمه الغيض، كما عُرف بالعبد الصالح، واشتهر بباب الحوائج أيضاً، ويحظى الإمام باحترام علماء السنّة باعتبار أنّه عالم وفقيه، ويقصد ضريحه السنّة والشيعة في الكاظمية ببغداد والذي يُعرف بالعتبة الكاظمية.

ورد أن لأبي الحسن الكاظم عليه السلام سبعة وثلاثون ولداً بين ذكر وأنثى أشهرهم: الإمام الرضا عليه السلام، وأحمد بن موسى، ومن أشهر بناته فاطمة المعصومةعليها السلام، المدفونة بمدينة قم المقدسة.

 

أهم أحداث حياة الإمام الكاظم (عليه السلام)

7 صفر 128 هـ: الولادة

145 هـ: قيام النفس الزكية

25 شوال 148 هـ: شهادة الإمام الصادق (ع) وبداية إمامة الإمام الكاظم (ع)

11 ذي القعدة 148 هـ: ولادة الإمام الرضا (ع)

أوائل محرم 149 هـ: وفاة عبد الله الأفطح ورجوع أتباعه إلى إمامة الإمام الكاظم (ع)

169 هـ: قيام فخ

172 هـ: قيام دولة الأدارسة في المغرب وهي أول دولة شيعية

شوال 179 هـ: توجه هارون الرشيد في رمضان إلى مكة للعمرة، ثم إلى المدينة، وقوله عند قبر النبي (ص) مفتخرا «السلام عليك بابن عمّ»، فيقترب الإمام من القبر قائلا: السلام عليك يا أبه، فيتغير وجه هارون

20  شوال 179 هـ:  إشخاص الإمام إلى العراق بأمر هارون

7 ذي الحجة 179 هـ: حبس موسى بن جعفر (ع) في البصرة في بيت عيسى بن جعفر

أواخر 180 هـ: كتب هارون لعيسى بن جعفر يأمره بقتل الإمام الكاظم، إلا أنه لم يقبل

22 رجب 183 هـ: دسّ السمّ للإمام (ع) في سجن السندي بن شاهك

25 رجب 183 هـ: استشهاده (ع)

 

سيرته الذاتية

هو موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام. والده الإمام جعفر الصادق عليه السلام وأمّه أمّ ولد يقال لها حميدة البربرية.

وكان يُكنّى أبا إبراهيم وأبا الحسن وأبا علي، ويُعرف بالعبد الصالح، ويُنعت أيضاً بالكاظم. ومن أشهر كناه أبو الحسن الأوّل وأبو الحسن الماضي. ولقّب بالكاظم لكظمه عمّا فعل به الظالمون من التنكيل والإرهاق. ويعرف بين الشيعة بـباب الحوائج.

كان مولده بالأبواء – وقيل في المدينة – في السابع من صفر سنة ثمان وعشرين ومائة وقيل تسع وعشرين. وقبض (ع) – شهيداً – ببغداد في حبس السندي بن شاهك في الخامس والعشرين من رجب سنة ثلاث وثمانين ومائة، وله يومئذٍ خمس وخمسون سنة.

وكان رجلاً مربوعاً أسمر حلو السمرة حسَن الوجه مشرق متلألئ.

وروى الصدوق أنّ نقشَ خاتمه «حَسْبِيَ اللَّه»، وفي رواية أخرى «الملك لله وحده». وقد وصفه الشيخ المفيد بالقول: «كان أبو الحسن موسى عليه السلام أعبد أهل زمانه وأفقههم وأسخاهم كفاً وأكرمهم نفساً».

 

إمامته

تصدّى عليه السلام لمنصب الإمامة بعد شهادة أبيه الإمام جعفر الصادق عليه السلام سنة 148 هـ، فكانت مدّة خلافته ومقامه في الإمامة بعد أبيه عليه السلام خمساً وثلاثين سنة.

روى كبار المقربين والمحدثين عن الإمام الصادق عليه السلام تصريحه بإمامة ابنه الكاظم عليه السلام منهم: مفضل بن عمر الجعفي، معاذ بن كثير، عبد الرحمن بن الحجاج، فيض بن المختار، يعقوب السراج، سليمان بن خالد، صفوان الجمال. ومن تلك الروايات ما رواه أبو بصير عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال يوم ولد الإمام الكاظم عليه السلام: «وهبَ اللهُ لي غُلاماً وهو خيرُ من بَرَأ الله‏». وفي رواية أخرى عنه عليه السلام: «وَدِدْتُ أن ليس لي ولدٌ غيرُه حتّى لا يَشرَكَهُ في حُبّي له أحد».

 

الوشاية بالإمام (عليه السلام)

اختلفت كلمة المؤرخين في السبب وراء اعتقال الإمام عليه السلام وإيداعه السجن إلاّ أنّها متفقة على مكانة كثرة الوشاة عليه.

عمد البعض من أعداء الإمام الكاظم (ع) إلى السعي بالإمام (ع) والوشاية به عند هارون الرشيد ليتزلّفوا إليه بذلك. من هؤلاء مَن أبلغ هارون بأن الإمام عليه السلام تجبى له الأموال الطائلة من شتّى الأقطار الإسلامية فأثار ذلك كوامن الحقد عند هارون. وفريق آخر من هؤلاء سعوا بالإمام عليه السلام إلى هارون، فقالوا له: «إن الإمام عليه السلام يطالب بـالخلافة، ويكتب إلى سائر الأقطار الإسلامية يدعوهم إلى نفسه، ويحفّزهم ضد الدولة العباسية»، وكان في طليعة هؤلاء الوشاة يحيى البرمكي – وقيل بعض أبناء أخوة الإمام عليه السلام، فأثار هؤلاء كوامن الحقد على الإمام عليه السلام.

ومن الأسباب التي زادت في حقد هارون على الإمام عليه السلام وسبّبت في اعتقاله احتجاجه عليه السلام عليه بأنّه أولى بـالنبي العظيم صلی الله عليه وآله وسلم من جميع المسلمين، فهو أحد أسباطه ووريثه، وأنّه أحقّ بالخلافة من غيره وقد جرى احتجاجه عليه السلام معه في مرقد النبي صلی الله عليه وآله وسلم.

وقد اعتقل الإمام عليه السلام مرتين لم نعرف عن تاريخ الأولى منهما والمدة التي قضاها عليه السلام في السجن شيئاً، فيما وقعت الثانية سنة 179 هجرية وانتهت بشهادة الإمام عليه السلام في السجن سنة 183هجرية، إذ استدعى هارون الرشيد الإمام سنة 179 هـ من المدينة، وأمر بالتوجه به إلى البصرة التي وصلها في السابع من ذي الحجة، فأودعوه في سجن عيسى بن جعفر، وبعد فترة انتقلوا به إلى سجن الفضل بن الربيع في بغداد ومنه إلى سجن الفضل بن يحيى وسجن السندي بن شاهك الذي كانت نهاية الإمام عليه السلام فيه.

 

كيفية شهادته

استشهد الإمام عليه السلام في الخامس والعشرين من شهر رجب سنة 183 هـ في بغداد في سجن السندي بن شاهك الذي أمر بوضع جنازة الإمام عليه السلام على الجسر ببغداد ونودي عليه – تمويها على قتله – هذا إمام الرافضة فاعرفوه، فإنّه موسى بن جعفر عليه السلام وقد مات حتف أنفه، ألا فانظروا إليه. فحفّ به الناس، وجعلوا ينظرون إليه.

وذهب مشهور المؤرخين إلى أنّه أستشهد مسموماً في حبس هارون على يد يحيى بن خالد أو السندي بن شاهك .

 

مرقده وثواب زيارته

يوم تشييع الإمام موسى عليه السلام يوم أغر لم تر مثله بغداد في أيامها يوم مشهود حيث هرعت الجماهير من جميع الشرائح إلى تشييع ريحانة رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم، فقد خرج لتشييع جثمانه الطاهر جمهور المسلمين على اختلاف طبقاتهم يتقرّبون إلى الله جل جلاله بحمل جثمان سبط النبي صلی الله عليه وآله وسلم، وسارت المواكب متجهة إلى محلة باب التبن إلى المقر الأخير، وقد أحاطت الجماهير الحزينة بالجثمان المقدس وهي تتسابق على حمله للتبرك به، فحفر له قبر في مقابر قريش، وأنزله سليمان بن أبي جعفر في مقره الأخير، وبعد فراغه من مراسيم الدفن، أقبل إليه الناس تعزّيه وتواسيه بالمصاب الأليم. ومن ذلك الحين حتى يومنا هذا واصلت الشيعة وغيرهم من المسلمين التوافد على زيارته والتبرك بمرقده الشريف لما انتهى لهم من عظيم مكانته، وحثّ الأئمة المعصومين (ع) على زيارته، كالمروي عن الإمام الرضا عليه السلام: «من زار قبرَ أبي ببغداد كمن زار قبرَ رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم وقبرَ أمير المؤمنين عليه السلام إلاّ أنّ لرسول الله ولأمير المؤمنين صلوات الله عليهما فضلَهما». وفي رواية أخرى: «زيارة قبر أبي ‌الحسن عليه السلام كزيارة قبر الحسين عليه السلام».

 

المصدر: مواقع إلكترونية

مواضيع إضافية
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.