ولاية ميشيغان تتحول لبؤرة الغضب المتنامي ضد بايدن

ردنا – أصبحت ولاية ميشيغان، التي تضم أحد أكبر التجمعات السكانية للأمريكيين المسلمين في البلاد، مركزاً للغضب المتنامي ضد الرئيس الأمريكي جو بايدن، بسبب موقفه من العدوان على قطاع غزة، وفي أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وقف الديمقراطي المسلم أبراهام عياش، للتنديد بسياسته، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة “politico” الأمريكية.

تحدث عياش بنفس لهجته الملحة عام 2020، عندما خاطب حشداً آخر في ديترويت لإدانة محاولة الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب وقف فرز الأصوات في تلك الولاية المتأرجحة الحاسمة، لكن أبراهام عياش يستهدف الآن شخصاً آخر هو جو بايدن.

صاح أبراهام عياش من منصة مرتفعة ترفرف حولها آلاف من الأعلام الحمراء والبيضاء والخضراء والسوداء، التي تمثل ألوان العلم الفلسطيني: “نحن نتحدث عن جو بايدن الذي وقف صامتاً دون أن يطالب بالسلام للفلسطينيين والإسرائيليين، لكنه بدلاً من ذلك يواصل تمويل الإبادة الجماعية في غزة”.

 

من هو الديمقراطي المسلم أبراهام عياش؟

ارتقى أبراهام عياش إلى مكانة سياسية بارزة، العام الماضي، ليصبح أول زعيم أغلبية أمريكي من أصل عربي في مجلس نواب ولاية ميشيغان.

برز عياش، البالغ من العمر الآن 30 عاماً، باعتباره واحداً من أشد المنتقدين الديمقراطيين لبايدن، بسبب دعم الإدارة الأمريكية لإسرائيل، وأحبط تشريعاً بشأن دعم إسرائيل، وتصدر عناوين الصحف الوطنية لمشاركته في احتجاجات حاشدة تندد بالحرب على غزة.

ويخطط أبراهام عياش لاستخدام الانتخابات الرئاسية التمهيدية في الولاية، المقررة الثلاثاء 27 فبراير/شباط، لكي يبعث رسالة تحذير مفادها أنَّه إذا واصل بايدن تقديم الدعم المالي للهجوم الإسرائيلي على غزة وفشل في الدعوة إلى وقف دائم لإطلاق النار، فقد ينقل الناخبون الأمريكيون العرب في ميشيغان غضبهم إلى صناديق الاقتراع أو يبقون في منازلهم. انضم عياش إلى حملة شعارها “استمع إلى ميشيغان”، متعهداً بالامتناع عن التصويت في الانتخابات التمهيدية في ميشيغان، وحث الديمقراطيين الآخرين على فعل الشيء نفسه.

أصبحت ولاية ميشيغان، التي تضم أحد أكبر التجمعات السكانية للأمريكيين العرب والمسلمين في البلاد، مركزاً للغضب الأمريكي المتنامي بشأن طريقة تعامل بايدن مع الحرب في غزة. يتناقض هذا الحال تناقضاً صارخاً مع عام 2020، عندما حصل بايدن على تأييد مدينتَي ديربورن وهامتراميك، وهما من أكثر المدن الأمريكية في الكثافة السكانية العربية في الولاية.

وتتمتع تلك الفئة السكانية، التي تميل إلى التصويت للديمقراطيين، بسلطة سياسية حقيقية مع وجود ما يقرب من 200 ألف ناخب مسلم مسجل في ميشيغان.

وأدى الديمقراطي المسلم أبراهام عياش دوراً كبيراً في تنظيم هذا الغضب، وستكون الانتخابات التمهيدية بمثابة اختبار حقيقي لنفوذه وحجم المشكلة المرتقبة بالنسبة لحملة بايدن.

قال ناصر بيضون، رجل الأعمال والديمقراطي المرشح لعضوية مجلس الشيوخ الأمريكي، إن “عياش زعيم مؤثر يحظى بالاحترام في المجتمع، والناس سوف يستمعون إليه”.

أثارت معارضة أبراهام عياش المستمرة لبايدن ولإسرائيل انتقادات من تيار اليمين واليسار على حدٍّ سواء. عرقل عياش التصديق على مشروع قرار مدعوم من حفنة من الديمقراطيين لإدانة هجوم حماس، قائلاً: “لا يمكن الحديث عن هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، دون الحديث عن الظروف التي يعيشها سكان غزة”.

ينتمي أبراهام عياش الذي يعد من أشد المعارضين لسياسة بايدن في غزة لأصول يمنية

رداً على ذلك، قال النائب الجمهوري بيل شويت، الذي قدَّم مشروع القرار: “شعرت بالكثير من الغضب والإحباط، كان مجلس نواب ولاية ميشيغان أحد الهيئات التشريعية القليلة جداً على مستوى البلاد التي رفضت إدانة أعمال العنف المروعة المرتكبة من جانب حركة حماس”.

علّقت حاكمة ولاية ميشيغان، الديمقراطية غريتشن ويتمر، على هذه القضية في مقابلة على شبكة “CNN” الأمريكية، يوم الأحد 25 فبراير/شباط قائلةً: “من المهم ألا نغفل حقيقة أنَّ أي صوت غير ممنوح لجو بايدن يدعم ولاية ثانية لدونالد ترامب”.

لكن أبراهام عياش رفض هذه الفكرة قائلاً: “أعتقد من المهين للغاية القول للمجتمعات العربية والإسلامية إنَّ عدم دعمكم لبايدن يعني تأييدكم لترامب، هذا عدم احترام لتلك المجتمعات المتضررة من وجود ترامب، الذي وعد بإعادة فرض حظر السفر على المسلمين وتوسيع نطاقه في حال فوزه بولاية رئاسية ثانية”.

وأضاف: “لا يمكننا اللجوء دائماً إلى استخدام الخوف وسيلةً لتحفيز الناس”، مشيراً إلى أن رؤية البلاد متواطئة في الإبادة الجماعية في غزة أسوأ كثيراً من دونالد ترامب.

 

أبراهام عياش أضرب عن الطعام بسبب غزة

بعد عرقلته مشروع القرار المناهض لحماس في الخريف الماضي، تصدّر أبراهام عياش عناوين الأخبار الوطنية مرة أخرى، في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني، عندما انضم إلى إضراب عن الطعام لمدة أسبوع مع مُشرّعين أمريكيين وناشطين آخرين في الولاية، للضغط على بايدن لكي يدعو إلى وقف إطلاق النار. سافر عياش إلى واشنطن لمدة يومين للتخييم خارج البيت الأبيض، حيث رفع مع متظاهرين آخرين أوراقاً بيضاء مرسوماً عليها قطرات حمراء، في إشارة إلى دماء الفلسطينيين ضحايا هذه الحرب.

والآن، يخوض عياش صراعاً ذاتياً بين كراهيته العميقة لترامب واشمئزازه من دعم بايدن الثابت غير المشروط لإسرائيل، تحدث عياش لصحيفة “Politico” الأمريكية عن مشاعره المتضاربة، قائلاً: “لا أحاول أن أكون سياسياً فيما يخص الانتخابات الرئاسية، أنا لا أستطيع حقاً”.

أخبر بايدن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مراراً بأن أي عمل عسكري في رفح لا ينبغي البدء فيه بدون خطة لحماية المدنيين اللاجئين هناك، بالإضافة إلى وصفه استجابة الجيش الإسرائيلي في غزة بأنَّها “مبالغ فيها”.

ومع ذلك، يؤكد عياش أنَّ هذا لا يعني شيئاً بالنسبة له حتى يتوقف بايدن عن إمداد إسرائيل بالمساعدة العسكرية غير المشروطة.

قال عياش: “يشبه الأمر أن تطلب من شخصٍ ما التوقف عن شرب الكحوليات، لكنك تعطيه بعد ذلك مفاتيح متجر المشروبات الكحولية”.

في 10 فبراير/شباط الجاري، وسَّع عياش نطاق خطابه ليشمل انتخابات الكونغرس. كتب على حسابه على موقع “إكس”: “إذا لم يدعُ أحد المرشحين للكونغرس إلى وقف إطلاق النار بعد مقتل ما يقرب من 30 ألف فلسطيني، ستكون فرص فوزهم محل شك كبير”.

بدأ القلق -على ما يبدو- يساور بايدن وحملته الانتخابية، في أوائل فبراير/شباط، سافر مسؤولو الإدارة الأمريكية إلى ميشيغان واجتمعوا مع الزعماء الأمريكيين العرب والمسلمين.

قال عياش إنَّ الاجتماع كان مثمراً، واعترف المسؤولون بالظروف القاسية واللاإنسانية المفروضة على الشعب الفلسطيني من جانب الحكومة الإسرائيلية.

ووفقاً لتقرير صحيفة “The New York Times”، قال جون فاينر، نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي، في هذا الاجتماع: “لقد تركنا انطباعاً ضاراً للغاية بناءً على ما كان محاسبة عامة غير كافية على الإطلاق لمدى تقدير الرئيس والإدارة والدولة لحياة الفلسطينيين”.

مع ذلك، أوضح عياش أنَّه لن يكون هناك المزيد من الاجتماعات حتى يرى تغييرات ملموسة تشمل الدعوة إلى وقف دائم لإطلاق النار، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وإنهاء سياسة المساعدات العسكرية غير مشروطة لإسرائيل، مشيراً إلى أنَّ مسؤولية خسارة ولاية ميشيغان أو انتخابات الرئاسة تقع على بايدن، وليس على الناخبين الأمريكيين العرب.

وأضاف: “هناك خطر حقيقي من احتمالية حصول ترامب على فرصة للفوز في الانتخابات؛ لذا السؤال الذي أود طرحه على الرئيس بايدن هو: لماذا أنت على استعداد للتنازل عن قدسية ديمقراطيتنا في سبيل دعم نتنياهو؟”.

 

المصدر: عربي بوست

مواضيع إضافية
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.