الدكتور عباس خامه يار: شيخ الأزهر مُرحب به في إيران دائماً

موقع ردنا لأخبار الادیان والمذاهب – وأشاد المستشار الثقافي الإيراني في لبنان سابقاً ونائب رئيس جامعة الأديان والمذاهب في الشؤون الثقافية، “الدكتور عباس خامه يار” في مقابلة خاصة مع “عربي21” بدعوة شيخ الأزهر، أحمد الطيب، للوحدة الإسلامية، قائلاً: “لم أكن أتصور أن بلداً كإيران تستقبل هذه الدعوة بهذا الشكل الكبير من الترحيب منذ اللحظة الأولى، وأنا أعرف بأن لدى طهران والأزهر إرادة قوية للتقريب بين المذاهب الإسلامية، وهذه الإرادة يجب أن تعطي ثمارها بعد الجلوس على طاولة الحوار”.

لكن الدبلوماسي الإيراني السابق عبّر عن خشيته من أن تقوم بعض الأنظمة والحكومات والأجهزة الأمنية والاستخباراتية التي لم يُسمّها بعرقلة هذه المشاريع، و”تخنقها قبل أن تُولد؛ فالتجربة التاريخية علمتنا أن نخاف من هذه المشكلة، بينما نأمل ألا يحدث ذلك”.

وتالياً نص المقابلة الخاصة مع “عربي21”:

كيف تنظر لدعوة شيخ الأزهر أحمد الطيب، للوحدة الإسلامية وعقد حوار (إسلامي – إسلامي) جاد؟

لم أكن أتصور أن بلداً كإيران تستقبل هذه الدعوة بهذا الشكل الكبير من الترحيب منذ اللحظة الأولى، بغض النظر عن مكان انعقاد المؤتمر الذي أُطلقت فيه هذه الدعوة (ملتقى حوار الأديان بعاصمة البحرين المنامة)، وبغض النظر عن الجانب الإعلامي والزمني للمؤتمر؛ لأن البلد المضيفة للشيخ أحمد الطيب تُجرى فيها انتخابات برلمانية الآن.

أما مضمون الخطاب فهو مضمون جيد، وسمعناه عدة مرات من الإمام الأكبر شيخ الأزهر في مناسبات مختلفة، وهو أمر مهم جداً، وقد بعث الأمين العام لمجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية، الدكتور حميد شهرياري، رسالة شكر لسماحة الشيخ أحمد الطيب، كما أبدى استعداده الكامل للقائه سواء في القاهرة أو في طهران أو في أي بلد آخر لتنفيذ هذا الحوار على الأرض، واستثمار هذا المشروع بما يخدم الأمة.

أيضا هناك شخصيات إيرانية كبيرة، ومؤسسات وجامعات متعددة، أرسلت رسائل واضحة لتستضيف هذا المشروع، وللتحاور مع الآخرين لإيجاد طريق للحل، وهو أمر ليس بجديد؛ فالجميع يعرف التواصل بين كبار القادة العلماء في إيران ومع الأزهر؛ فقد تبنت شخصيات كبيرة هذا المشروع، وكانت هناك لقاءات مهمة بين الجانبين، ولا نغفل الفتاوى التاريخية الكبيرة والمهمة التي ما زلنا نحفظها من قِبل الأزهر، ومن مدينة قُم المقدسة، ومن مدينة النّجف الأشرف العراقية.

لهذا، فالحوار له جذور تاريخية بين المذهبين، وبين المذاهب الإسلامية الأخرى، لكن مع الأسف العامل السياسي، والمفردات السياسية اليومية في العقد الأخير طغت على فكرة الوحدة، وكانت هناك أطماع سياسية نعرفها جيدا ويعرفها الجميع هي التي أجّجت فتنة مُفتعلة بين الشيعة والسنة، وكلنا نعرف أن هذه الخلافات هي خلافات بسيطة جداً، وتحصل حتى بين مذاهب أهل السنة، ولكن الاستغلال السياسي لهذه الخلافات هو ما أدى بنا إلى هذا الواقع المر الذي نرجو ونأمل أن نتجاوزه من خلال تصريح شيخ الأزهر، والعلماء الآخرين.

هل تعتقد أن دعوة شيخ الأزهر يمكن أن تنجح في ظل المعطيات الراهنة؟

يمكن أن تنجح إذا كانت هناك إرادة قوية، وأنا أعرف بأن لدى الجانب الإيراني إرادة قوية، وأيضا لدى الأزهر بهذا الخطاب الذي شاهدناه وسمعناه؛ فقد كان خطابا دقيقا جدا أكد على نقاط مهمة، وهذه الإرادة يجب أن تعطي ثمارها بعد الجلوس على طاولة الحوار، لكني أخشى أن تقوم بعض الدول والحكومات وأجهزة أمنية استخباراتية بعرقلة هذه المشاريع، وتخنقها قبل أن تُولد؛ فالتجربة التاريخية علمتنا أن نخاف من هذه المشكلة، بينما نأمل ألا يحدث ذلك.

مَن هي هذه الدول التي تشير إليها؟

لا أشير إلى دولة بعينها، ولكن أعني بعض الأنظمة أو الأجهزة التي لا تريد الخير للأمة وتعرقل الحوار، وهي تلك الأنظمة التي تدعم وتنتج الأفكار التخريبية والتكفيرية التي تقتل الإنسان؛ فهذه الأنظمة لا تريد هذا الحوار وتخشى نتائجه، حتى تبقى الأجندة تسير في اتجاه سياساتها، وهي دول معروفة للجميع، هي التي موّلت وسهّلت ودافعت، ولا تزال، عن هذه القوى التفريقية والتكفيرية، ولسنا بحاجة لذكر الأسماء الواضحة كطلوع الشمس.

انطلاقا من الواقع الحالي المُشار إليه هل ستكلل دعوة شيخ الأزهر بالنجاح أم لا؟

لا أقول لا، وأتمنى نجاح هذه الدعوة؛ فهناك إرادة قوية، وهناك الشعوب التي دفعت الثمن؛ فهي بحاجة إلى حلول، وبحاجة إلى وحدة وحوار والتقاء مُجددا، وهؤلاء استقبلوا الدعوة ويؤكدون على ضرورة تنفيذ الفكرة على الأرض وفي الميدان، لكني أخشى دخول دول وأنظمة وأجهزة أخرى على الخط ليفشلوا هذا المشروع، ونتمنى ألا يحدث ذلك، لأننا جميعا في قارب واحد يسير في بحر واحد، وهذا القارب إذا هُدد سنُهدد جميعا، وهذه حقيقة والسنوات الماضية أثبتت هذا الواقع، وكلنا خسرنا جراء ما حصل في منطقتنا، نحن كأمة خسرنا الكثير من الأرواح والبيوت والأموال والثروات، وأعتقد أن الإرادة التي نشاهدها من خلال هذا الخطاب ستُكلل بالنجاح، ولا نفكر بفشل هذا المشروع.

لماذا لا تقدم إيران على اتخاذ خطوات عملية من أجل التقريب بين المذاهب الإسلامية؟

حتى تعرف أين كنّا؟ وأين وصلنا؟ يجب أن تعرف كيف كان الحال في زمن الشاه قبل انتصار الثورة الإسلامية، وكيف كان يُخطط هؤلاء لهذه الفرقة بين المسلمين؟ وكيف تأججت الخلافات بين الشيعة والسنة؟ وقد عشت تلك المرحلة ولا أريد ذكرها. الآن الوضع يختلف كثيرا، فهل يتجرأ أحد هنا الآن أن يطبع كتابا، أو يكتب سطرا واحدا، في اتجاه الإساءة للخلفاء الراشدين أو الإساءة لرموز أهل السنة ولمناطق السنة. انظر للجامعات، والمعاهد الدينية، والمؤسسات الكبرى التي أُسست هنا وهناك في المناطق التي تقطنها الأغلبية السنية، وهذه حقيقة لا يستطيع أحد أن ينكرها، الكثير من العلماء السنة من دول منطقتنا جاءوا إلى إيران وشاهدوا هذه المشاهد، وتحدثوا، وتوصلوا واجتمعوا بالمواطنين السنة في كل مكان، وأصبح أمراً بديهياً أن نعيش كمواطنين في السراء والضراء مع بعض، ونحن نريد أن تعمّ هذه الفكرة وهذا النهج في كل دول المنطقة، ولكن كما قلت وأكرر هل ستسمح “المؤسسات التكفيرية” بإيجاد هذا السبيل؟ هذه مشكلتنا مع هؤلاء.

هل من المحتمل أن يزور شيخ الأزهر إيران في وقت ما؟

شيخ الأزهر مُرحب به في إيران دائماً، وهناك رسائل قد بعثتها المؤسسة الدينية في قُم، وكثير من المراجع الدينية، منهم المرجع الكبير آية الله ناصر مكارم الشيرازي إلى شيخ الأزهر، ورد شيخ الأزهر على هذه الرسالة؛ فهناك تواصل بصورة مباشرة وغير مباشرة، ودائما كانت الدعوة موجّهة ومفتوحة، وهناك دبلوماسيون ذهبوا إلى هذا الصرح المبارك (الأزهر الشريف) في القاهرة لدعوة سماحة الشيخ وغيره من العلماء؛ فإيران أبوابها مفتوحة للجميع، وخاصة للأزهر، منذ سنوات طويلة.

والآن الدعوة مفتوحة، وستظل مفتوحة، وأتصور أن هذه خطوة مباركة، وهذه الزيارات ستؤدي إلى ثمار تقطفها الأمة، وليست المشكلة المكان؛ فالإيرانيون خلال الرسائل الأخيرة أبدوا استعدادهم لزيارة الأزهر، ولقاء الأمام الأكبر في القاهرة أو في أي مكان آخر، وبالطبع قدموا دعوة لسماحته لزيارة طهران.

هل لديكم أي تفاصيل أو معلومات حديثة بخصوص التقريب بين المذاهب الإسلامية؟

هناك لقاءات مستمرة، وزيارات لوفود من القيادات العلمية السنية والشيعية المشتركة من إيران إلى دول العالم، ومن دول العالم إلى إيران، وهناك مؤتمرات الحوار، آخرها كان مؤتمر التقريب الكبير في دورته الرابعة والثلاثين الذي عُقد قبل أقل من شهر بمناسبة ذكرى مولد الرسول الأعظم (صلى الله عليه وعلى آله وسلم)، وهذه اللقاءات مستمرة في كل مكان، وقد حضرت قبل أيام افتتاح ورفع الستار عن مجلة الفقه المقارن باللغة العربية في مدينة قُم، والتي يُشرف عليها سماحة الشيخ الدكتور أحمد المبلغي، ويصب في هذا الاتجاه المناهج التي توضع الآن في الحوزة العلمية، وهذه المجلة في الفقه المقارن، وهذه الإصدارات التي تصدر هنا في إيران، وخاصة في مجال الأبحاث، مهمة للغاية.

أيضا جامعة الأديان والمذاهب في مدينة قُم، التي تضم أكثر من أربعة عشر طالبا أجنبيا ناطقين باللغة العربية لهم دور كبير في هذا الاتجاه، وهذه المشاريع مستمرة، ولكن أعرف جيدا بأن الكثير من الإمبراطوريات الإعلامية المعادية والموجّهة -مع الأسف- لن تسمح برفع هذا الصوت، بل ستحاول أن تعطي صورة غير حقيقية لواقعنا.

كيف تنظر لمطالبة البعض بضرورة تجديد المذهب الشيعي وتنقيته مما يوصف بـ”الغلو والانحرافات”؟

نحن نطالب الجميع في كل المذاهب لرفع الغلو من كل مكان؛ فكل المذاهب، وكل الديانات، لهم دور في هذا المجال، عندنا السيد الخامنئي في لقائه مع علماء السنة في اجتماع الذكرى النبوية يقول: “نحن يجب أن نتحرر من التشيع الإنجليزي اللندني، والتسنن الأمريكي”، وهو يشير إلى هؤلاء الغلاة أتباع المذهب الشيعي الذين يؤججون تحت العلم البريطاني، وبغطاء بريطاني، والغلاة من السنة الذين يمرحون تحت العلم الأمريكي في الولايات المتحدة؛ فالغلاة متواجدون في كل المذاهب، لكن هذه إرادتنا وقوتنا يجب أن تسير في هذا الاتجاه. عندما تُقتل طائفة من المسلمين باسم الرافضة، وعندما يُسب الخلفاء على الجانب الآخر من قِبل مجموعات أخرى هؤلاء هم الغلاة، ولهذا يجب القضاء على هذه الظاهرة في كل مكان، والإمام الخامنئي يُحرّم سب الخلفاء وأم المؤمنين، وهذه فتاوى واضحة وموجودة، وكما قلت هذا التأجيج وهذه الإثارة من قِبل البعض، وهذه الفرقة بين المسلمين هي ما تجعلنا نسمع الصوت العالي لهؤلاء، وهناك محاولات لإخفاء الأصوات الحقيقية التي تصدر من المذاهب سواء من الشيعة أو من السنة لتبيين الإسلام الأصيل.

مصدر إکنا
مواضيع إضافية
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.