خلاف القوى المسيحية في لبنان مستمرّ.. فهل تكون التسوية على حسابها؟
منذ ما قبل الإعلان عن الإتفاق السعودي – الإيراني برعاية صينية، كان هناك من يطرح في بعض الأوساط السياسية مقولة تُشير الى أن الأفرقاء المسيحيين سيكونون أكبر المتضررين من تداعيات أي تسوية إقليمية على الساحة المحلية في لبنان، على إعتبار أن طرفي أي تسوية هما الجانبان السعودي والإيراني بشكل أساسي، وبالتالي عند حصولها لن يكون لدى هؤلاء الأفرقاء ما يمكن أن يقوموا به، في تكرار لما حصل عند توقيع إتفاق الطائف.
إنطلاقاً من ذلك، ينبغي النظر إلى التداعيات المحتملة للإتفاق الجديد بين إيران والسعودية، حيث هناك من يعتبر أن رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، الذي يعتبر حليف المملكة الأول في لبنان، لن يكون قادراً على عرقلة أي تسوية على المستوى اللبناني، في حال تمت رعايتها من جانب الرياض، بينما لدى رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل بعض الأوراق التي من الممكن أن يستخدمها للتضيق على تسوية لا تشمله، بالرغم من أن هناك من يعتبر أنه استعجل الإنفصال غير المعلن عن حزب الله في هذه اللحظة.
في المقابل، هناك من يرى أن الجانبين المتضررين من إحتمال وصول رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية إلى رئاسة الجمهورية، قد يكون لديهما الفرصة لقطع الطريق على الرجل، من خلال مبادرتهما إلى التفاهم على مرشح رئاسي، بالرغم من أن ذلك يبدو صعباً جداً في المرحلة الراهنة، لا سيما إذا ما كانت الساحة اللبنانية مقبلة على تحولات سريعة، ربطاً بتداعيات الإتفاق السعودي الإيراني.
بحسب مصادر قيادية في حزب “القوات اللبنانية”، فإن تفاهم معراب لا يمكن أن يتكرر لأنه حصل بظروف معينة غير متوفرة اليوم، الى جانب غياب الثقة الكامل بجبران باسيل، مشيرة الى أن تفاهم معراب أوصل ميشال عون الى الرئاسة بناء على نقاط سيادية، وهو أيضاً ما ليس متوفراً اليوم، بغض النظر عن حقيقة أن التيار انقلب على التفاهم.
بالنسبة الى “القوات” فإن الشرط الأساسي لأي نقاش أو حوار مع باسيل هو موقفه من سلاح حزب الله، والموقف لا يكون كلامياً فقط بل بالعمل، فالخلاف بين “القوات” و”التيار الوطني الحر” هو الموقف من هذا السلاح، وبناء عليه تُحدد العلاقات بالمستقبل، وترى المصادر أن الخلاف بين التيار وحزب الله اليوم لا علاقة له بسيطرة الحزب على الدولة، ولا سلاحه الذي يمنع قيام دولة في لبنان، بل سببه دعم الحزب لترشيح سليمان فرنجية رغم عدم رضى باسيل، فهل يُعقل أن تتقارب “القوات” مع التيار بظل هكذا واقع؟
طبعاً يُناسب باسيل اليوم فتح علاقات جديدة مع “القوات”، لأن قطار التسوية لا ينتظر أحداً، وهو بالتأكيد لم يكن بوارد اتفاق ايران والسعودية سريعاً، علماً أن موفد البطريرك بشارة الراعي الذي يجول على القوى المسيحية كان قريباً من حمل إسم او اسمين توافقيين بين المسيحيين لو لم تختلف مصالح هذه القوى، فهل تجد نفسها قريباً ملزمة بتحالف أو تقارب لكي لا تكون التسوية الجديدة بمثابة “طائف جديد” يُفرض على المسيحيين؟