ما سرّ الأيام الـ 10 التي حُذفت من التقويم الميلادي؟

ردنا – إذا فتحت تطبيق التقويم على هاتفك الذكي، وأردت أن تضع ملاحظة ما، أو موعداً في الأيام العشر الممتدة من 5 وحتى 14 أكتوبر/تشرين الأول 1582، فإنك لن تستطيع ذلك، والسبب بكل بساطة أنّ هذه الأيام غير موجودة في التاريخ، فما هو السبب؟

 

الأيام المفقودة من التاريخ

استخدمت مُعظم دول العالم الغربي على مدار 1500 عام، التقويم اليولياني، الذي احتوى على نوعين من السنوات، الأول هو السنة العادية، والتي احتوت على 365 يوماً، والثانية السنة الكبيسة، والتي احتوت على 366 يوماً.

هذا التقويم الذي وضعه يوليوس قيصر، كان يشهد سنة كبيسة كل 3 سنوات عادية، بينما كان معدل طول السنة بالتقويم اليولياني يقدَّر بنحو 365.25 يوماً،  الأمر الذي جعلها أطول بـ 11 دقيقة و14 ثانية من السنة الشمسية، وهنا كانت النتيجة أن التقويم كان ينجرف حوالي يوم واحد لكل 314 سنة.

وللتعويض عن هذا الخطأ، ولاستعادة التقويم متزامناً مع المواسم الفلكية، كان لا بد من إلغاء عدد من الأيام عند اعتماد التقويم الغريغوري.

 

المشاكل التي سببها خطأ حسابات التقويم اليولياني

ووفقاً لما ذكرته الموسوعة البريطانية، فقد كانت إحدى أكثر المشاكل إلحاحاً التي سببها هذا الخطأ هي الصعوبة المتزايدة في حساب تاريخ عيد الفصح، والذي قرر مجمع نيقية في عام 325 أنه يجب أن يقع في يوم الأحد الأول بعد اكتمال القمر الأول بعد الاعتدال الربيعي.

التناقض المتزايد بين التاريخ الذي حدده المجلس والاعتدال الربيعي الفعلي لوحظ في القرن الثامن الميلادي، وتم تقديم عدد من مقترحات الإصلاح أمام الباباوات في العصور الوسطى، لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء، وظل التقويم اليولياني، على الرغم من عيوبه، هو التقويم الرسمي للكنيسة المسيحية.

وفي جلسته من 1562-1563، أصدر مجمع ترينت (المجمع المسكوني التاسع عشر للكنيسة الكاثوليكية) مرسوماً يدعو البابا إلى إصلاح المشكلة من خلال تطبيق تقويم معدَّل، لكن الأمر استغرق عقدين آخرين لإيجاد حل مناسب ووضعه موضع التنفيذ.

بعد سنوات من الاستشارة والبحث، وقع البابا غريغوري الثالث عشر على قرار في فبراير/شباط 1582 لإصدار التقويم المعدل، الذي أصبح يُعرف بالتقويم الغريغوري.

وقد استندت الإصلاحات إلى اقتراحات العالم الإيطالي لويجي ليليو، مع بعض التعديلات من قبل عالم الرياضيات والفلك كريستوفر كلافيوس.

 

حذف 10 أيام من شهر أكتوبر/تشرين الأول 1582!

الجزء الأكثر سريالية من تطبيق التقويم الجديد جاء من خلال حذف 10 أيام من شهر أكتوبر/تشرين الأول 1582، وبذلك، ومع اكتمال يوم 4 أكتوبر/تشرين الأول سنة 1582، تم الانتقال مباشرة ليوم 15 أكتوبر/تشرين الأول 1582، وقد اختارت الكنيسة شهر أكتوبر لتجنب تخطي أي أعياد مسيحية كبرى.

لذلك، في البلدان التي تبنت التقويم الجديد، أعقب عيد القديس فرنسيس الأسيزي في 4 أكتوبر/تشرين الأول 1582 مباشرة 15 أكتوبر/تشرين الأول، بينما أجرت فرنسا الانتقال بشكل منفصل في ديسمبر/كانون الأول.

 

فوضى في اتباع التقويم الجديد في العالم

على الرغم من أنّ البابا غريغوري الثالث عشر قرر أن الأيام المحذوفة من شهر أكتوبر/تشرين الأول عند التبديل إلى التقويم الغريغوري، فإن خمس دول فقط أحذت بنظام التقويم الجديد في ذلك العام – وهي إيطاليا وبولندا والبرتغال وإسبانيا ومعظم فرنسا، بينما تبعت بقية دول العالم حذف الأيام في سنوات لاحقة، وفقاً لما ذكره موقع History التاريخي.

ونظراً لأن التناقض بين التقويم اليولياني والفصول الفلكية استمر في النمو بمرور الوقت في القرون التي تلت ذلك، كان لا بد من تخطي مزيد من الأيام في البلدان التي تحولت إلى التقويم الغريغوري في السنوات اللاحقة.

في الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة تم حذف 12 يوماً من شهر سبتمبر/أيلول 1752، عندما تم تخطي الأيام من 2 سبتمبر/أيلول مباشرة إلى 14 سبتمبر/أيلول.

بينما اختصرت اليابان العام 1872 بمقدار 12 يوماً؛ وبعض الدول، مثل روسيا واليونان وتركيا، لم تبدل التقويمات حتى أوائل القرن العشرين، لذلك كان عليهم حذف 13 يوماً.

في المجموع، مرت أكثر من 3 قرون حتى تم اعتماد التقويم الغريغوري في جميع البلدان، من عام 1582 إلى عام 1927.

 

اختلاف قواعد السنة الكبيسة في العالم

التأخير في التبديل يعني أن الدول اتبعت أنظمة تقويم مختلفة لعدد من السنوات، مما أدى إلى اختلاف قواعد السنة الكبيسة.

في التقويم الغريغوري، تعتبر معظم السنوات القابلة للقسمة على 100، سنوات عادية، لكنها سنوات كبيسة في التقويم اليولياني.

هذا يعني أن السنوات 1700 و1800 و1900 كانت سنوات كبيسة في البلدان التي لا تزال تستخدم التقويم اليولياني في ذلك الوقت (على سبيل المثال، اليونان)، بينما في البلدان التي اعتمدت التقويم الغريغوري (على سبيل المثال، ألمانيا)، كانت هذه السنوات سنوات عادية.

حتى أن السويد وفنلندا شهدتا عاماً كبيساً “مزدوجاً” في عام 1712، إذ تمت إضافة يومين إلى فبراير/شباط، ليكون 30 يوماً، فيما لم يتبع البلدين التقويم الغريغوري حتى عام 1753.

في بعض البلدان الأخرى، اتخذ إصلاح التقويم العديد من الأشكال المختلفة لاستيعاب السياقات الثقافية والتاريخية المختلفة.

على سبيل المثال، استبدلت اليابان التقويم القمري الخاص بها بالتقويم الغريغوري في يناير/كانون الثاني 1873، لكنها قررت استخدام الأشهر المرقمة التي استخدمتها في الأصل بدلاً من الأسماء الأوروبية.

في حين اعتمدت جمهورية الصين (1912-1949) في البداية التقويم الغريغوري في يناير/كانون الثاني 1912، ولكن لم يتم استخدامه في الواقع بسبب استخدام أمراء الحرب للتقويمات المختلفة.

ومع ذلك، أصدرت الحكومة القومية (1928-1949) مرسوماً رسمياً باعتماد التقويم الغريغوري في الصين في يناير/كانون الثاني 1929.

 

التحويل بين التقويمين اليولياني والغريغوري

حالياً، يتأخر التقويم اليولياني بـ13 يوماً عن التقويم الغريغوري، لذلك، للتحويل من التقويم اليولياني إلى التقويم الغريغوري، أضف 13 يوماً؛ وللتحويل في الاتجاه المعاكس، اطرح 13 يوماً، في حين ستزداد الفجوة بين نظامي التقويم إلى 14 يوماً في عام 2100.

 

المصدر: arabicpost
مواضيع إضافية
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.