السياحة الدينية.. فرصة السوريين لمواجهة الحصار الإقتصادي

ردنا – تحظى السياحة الدينية بأهمية ودور كبيرين في ارتقاء الإنسان والتقاء الشعوب المختلفة، متخطيةً الحواجز العديدة التي تفرضها اللغة والقومية وغيرها، ويرغب الناس في كثير من الأحيان أن يختبروا شعور الحياة داخل الأماكن المقدسة من خلال الصلاة والعبادة والتأمل.

والسياحة الدينية من أقدم أنواع السياحة في التاريخ، ويمكن تعريفها بأنها تنقّل الأفراد والجماعات من بلد إلى آخر أو من منطقة إلى أخرى لغايات الصلاة والعبادة، حيث تتمّ زيارة الأضرحة والمقامات الدينية والمساجد، وغالباً ما تكون خلال فترات موسمية وأوقات زمنية محددة.

وتنضوي السياحة الدينية على مجموعة كبيرة من المبادئ والقيم الإنسانية النبيلة التي جاءت بها مختلف الأديان السماوية، فهي تمثل وسيلة حقيقية للاتصال والحوار الحضاري بين الأمم والشعوب، عبر الاندماج فيما بينها بروابط إنسانية خالصة، بهدف التعبير عن الحقيقة الإنسانية للشعوب بعيداً عن المفاهيم السياسية الضيّقة التي تسود في الوقت الحالي.

وترتكز السياحة الدينية بشكل أساسي على العاطفة الدينية، والرغبة في إشباع هذه العاطفة من خلال الأماكن الدينية، كما أنها سياحة تهتم بالجانب الروحي للإنسان، فهي مزيج من التأمل الديني والتراثي من أجل التقرّب إلى الله.

 

السياحة الدينية في سوريا

تُعد سوريا إحدى أكثر دول الشرق الأوسط من حيث وجود أماكن للسياحة الدينية، إذ تضم المحافظات السورية عدداً كبيراً من المزارات المهمة، المتعلقة بالدين الإسلامي والدين المسيحي على حدٍ سواء، وتعتبر تلك الأماكن مقصداً للملايين حول العالم.

ولعلّ أبرز أماكن السياحة الدينية المتعلقة بالمسلمين، مقام السيدة زينب ومقام السيدة رقية ومقام النبي هابيل في العاصمة دمشق، والمسجد الأموي في دمشق وجامع خالد بن الوليد في حمص، والجامع الأموي الكبير في حلب.

يضاف إلى ذلك مقام الصحابي عمار بن ياسر في الرقة، ومزارات أبي موسى الأشعري والحجاج بن عامر وكعب الأحبار ورابعة العدوية وعمر بن عبد العزيز ومزارات ومساجد ومقامات كثيرة في المناطق السورية المختلفة.

وسوريا غنية جداً بالمقدسات والمزارات المسيحية أيضاً، من كنائس وأديرة، هي الأقدم في العالم، مثل الكنيسة المريمية، ودير سيدة النياح، وكنيسة القديس حنانيا، وكنيسة القديس بولس الرسول، وكنيسة أم الزنار، وكنيسة الصليب، وكنيسة الفرنسيسكان.

وتحتضن سوريا كنيسة قلب لوزه، وكنيسة يسوع الناصرية، وكنيسة مار يعقوب، وكنيسة السريان، وكنيسة القديس جاورجيوس، ودير مار جرجس البطريركي، ودير سيدة صيدنايا، ودير مار الياس شويا، ودير السيدة بلمانا، ودير مار موسى، وبطريركية أنطاكية وسائر المشرق، وغيرها الكثير في جميع أنحاء سوريا.

إبراهيم فواز، عضو الهيئة العامة لغرفة سياحة ريف دمشق، وصاحب منشأة سياحية في منطقة السيدة زينب بريف العاصمة، أكد أن السنوات الثلاث الماضية شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في عدد السياح الوافدين، حيث تستقبل المنطقة ما لا يقل عن 10 آلاف سائح شهرياً.

وأضاف فواز أنّ التنسيق يتم بين المنشآت السياحية ووزارة السياحة لتأمين كلّ الخدمات اللازمة للوافدين خلال فترة إقامتهم وتنسيق جولات سياحية لهم في المناطق الأثرية داخل العاصمة دمشق.

وبما يتعلق بجنسية السياح والدول التي قدموا منها، يؤكد فواز أن معظم الوافدين من إيران والعراق والكويت والإمارات وباكستان، إضافةً إلى دول أخرى.

 

ملايين الزوار إلى سوريا سنوياً قبل الحرب

حقّق قطاع السياحة داخل سوريا قبل الحرب ازدهاراً ملحوظاً، نتيجة الاستقرار الأمني والاقتصادي الذي كان موجوداً في البلاد خلال تلك الفترة، حيث وصل عام 2009 إلى سوريا نحو 6 ملايين سائح أجنبي، وازداد هذا العدد في عام 2010، حيث وصل إلى نحو 8.5 ملايين سائح، بزيادة قدرها 40%.

وبلغت عائدات السياحة 30.8 مليار ليرة سورية (8.4 مليارات دولار) في عام 2010، أي 14% من اقتصاد البلاد آنذاك، كما شكّل عدد العاملين في القطاع السياحي 11% من إجمالي اليد العاملة في سوريا.

وعلى الرغم من عدم وجود إحصائيات دقيقة لعائدات السياحة الدينية من وزارة السياحة السورية، إلا أن حركة الأسواق المحيطة بأماكن العبادة شهدت خلال الأشهر الماضية نشاطاً ملحوظاً انعكس على عمليات البيع والشراء، في ظل ازدياد توافد السيّاح من دول مختلفة إلى العاصمة السورية.

وقد بدأت أسواق “الحميدية” و”البزورية” و”العصرونية” بمحيط الجامع الأموي الكبير ومقام السيدة رقية عليها السلام، وسوق “السيدة زينب” بمحيط مقام السيدة زينب عليها السلام، تستعيد جزءاً من نشاطها الذي كانت تعرف به قبل الحرب.

ويكثر الطلب من السيّاح في تلك الأسواق على الحلويات العربية بأنواعها المختلفة، والملابس، والأقمشة التقليدية، والإكسسوارات، والألعاب، والعطور، وذلك نظراً لانخفاض أسعارها في الأسواق السورية مقارنة بأسواق دول الجوار.

وخلال العام الماضي، استقبلت سوريا 1.5 مليون زائر، ثلثهم من السياح، وقدم نحو 10% منهم أوروبا الغربية. وتظهر بيانات وزارة السياحة السورية أن 385 ألف زائر قدموا إلى البلاد في الربع الأول من هذا العام، 40 ألفاً منهم من الأجانب غير العرب، بينما تهدف الوزارة هذا العام إلى استقبال 3 ملايين زائر ضمن الخطة التي وضعتها لجذب السياح.

وتهدف خطة وزارة السياحة السورية خلال الفترة الحالية إلى فتح أسواق جديدة، خاصّة في إيران وروسيا والصين والخليج الفارسي والدول المجاورة، حيث عملت الوزارة على بناء فنادق جديدة في مواقع ساحلية لتلبية احتياجات السياحة العائلية.

 

 

المصدر: ردنا + مواقع إلكترونية
مواضيع إضافية
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.